[5]

[6]

عظيم، كما قال بعضهم:

لِكُلِّ نَبِيٍّ فِي الأَنَامِ فَضِيْلَةٌ ... وَجُمْلَتُهَا مَجْمُوْعَةٌ لِمُحَمَّدِ

وهذه الجملة والتي قبلها معطوفتان على جملة جواب القسم.

والمعنى: وإنَّك يا محمد قد بَرأك الله سبحانه وتعالى على الحياءِ والكرم، والشجاعة والصفح، والحلم، وكل خلق كريم. روى الشيخان عن أنس رضي الله عنه خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين، فما قال لي: أفّ قطّ، ولا قال لشيء فعلته: لم فعلته، ولا لشيء لم أفعله: ألا فعلته". وروى أحمد عن عائشة رضي الله عنها: "ما ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده خادمًا له قطّ، ولا ضرب امرأة، ولا ضرب بيده شيئًا قطّ، إلا أن يجاهد في سبيل الله، ولا خير بين شيئين قطّ إلا كان أحبهما إليه أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه، ولا انتقم لنفسه من شيء يؤتى إليه إلّا أن تنتهك حرمات الله فينتقم له.

وفي الآية: رمز إلى أنّ الأخلاق الحسنة لا تكون مع الجنون، وكلما كان الإنسان أحسن أخلاقًا كان أبعد من الجنون.

5 - ثم توعدهم بما يحل بهم من النكال، والوبال في الدنيا والآخرة فقال: {فَسَتُبْصِرُ} يا محمد {وَيُبْصِرُونَ} أي (?): ويبصر الكفّار إذا تبيّن الحقّ وانكشف الغطاء، وذلك يوم القيامة. يقال: أبصرته وبصرت به: علمته وأدركته، فالمعنى: فستعلم يا محمد، ويعلمون يوم القيامة حين يتبين الحق من الباطل.

وقال الفاشاني: فستبصر ويبصرون عند كشف الغطاء بالموت. وقال قتادة: هذا وعيد لهم بعذاب يوم بدر، والمعنى: سترى ويرى أهل مكة إذا نزل بهم العذاب ببدر بأيّكم المفتون. وهذا هو الأوضح.

6 - {بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (6)}؛ أي: أيكم الذي ابتلي بفتنة الجنون. {فأيّكم} مبتدأ، و {الْمَفْتُونُ} بمعنى المجنون خبره، والباء مزيدة في المبتدأ كما في بحسبك درهم. وقيل: الباء: ليست زائدة، والمفتون مصدر بمعنى الفتون، وهو الجنون، جاء على وزن مفعول كالمعقول والميسور والمجلود بمعنى العقل كما في قوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015