كسرة فنقلت كسرة الواو إلى السين فسكنت الواو إثر كسرة فقلبت ياءً، وهكذا كل فعل أجوف بني للمجهول، وكانت عينه واوًا، وكذلك ما كانت عينه ياءً إلا أن هناك اختلافا يسيرًا في التصريف. {وَقِيلَ} القول فيه كالقول في سِيْءَ.
{تَدَّعُونَ} فيه إبدال تاء الافتعال وإلا وإدغام الدّال فاء الكلمة فيها، فالأصل: تدتعيون، استثقلت الحركة على الياء فحذفت فلما سكنت حذفت لالتقاء الساكنين وضمت العين لمناسبة الواو. {فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ} وفي "القاموس": أجاره إذا أنقذه وأعاذَهُ. {غَوْرًا}، وهو مصدر وصف به؛ أي: غائرًا في الأرض بالكلية ذاهبًا ونازلًا فيها، يقال: غار الماء غورًا من باب قال إذا نضب، وفي المفردات: الغور: المنهبط من الأرض.
{بِمَاءٍ مَعِينٍ}؛ أي: ظاهر تتراءاه العيون، وأصله: معيون بوزن مفعول كمبيع أصله: مبيوع، فنقلت ضمة الياء إلى العين لتصح الياء، وقيل: هو من معن الماء؛ أي: كثر، فهو على هذا الاعتبار فعيل لا مفعول، والميم أصلية، أمّا على الأول فالميم زائدة؛ لأن الفعل عين. وصاحب القاموس يميل إلى الثاني، والراغب الأصفهاني إلى الأول.
البلاغة
وقد تضمنت هذه السورة الكريمة ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: إسناد البركة إلى الموصول في قوله: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} للاستشهاد بما في حيّز الصلة على تحقّق مضمونها، والموصولات معارف، ولا شك أن المؤمنين يعرفونه يكون الملك بيده، وأمّا غيرهم فهم في حكم العارفين؛ لأنّ الأدلة القطعية لما دلت على ذلك كان في قوة المعلوم عند العاقل.
ومنها: الطباق بين {الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} وبين {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا}، وبين {صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ}.
ومنها: الاستعارة التمثيلية التبعية في قوله: {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ}، حيث شبه حالهم في تكليفه تعالى إياهم بتكاليفه وخلق الموت والحياة لهم وإثابته لهم