[23]

عطف مفردٍ على مفرد، ووحّد الخبر لأنّ {أم} لأحد الشيئين.

ومعنى الآية (?): أفمن يمشي وهو يتعثر في كل ساعة وغير على وجهه في كل خطوة لتوعر طريقه واختلاف أجزائها انخفاعًا وارتفاعًا أهدى سبيلًا وأرشد إلى المقصد الذي يؤمّه أم من يمشي سالمًا من التخبط والعثار على الطريق السويّ الذي لا اعوجاج فيه ولا انحرات، فهذا المكب على وجهه هو المشرك الذي يمشي على وجهه في النار يوم القيامة، والذي يمشي سويًّا هو الموحد الذي يحشر على قدميه إلى الجنة.

23 - وبعد أن امتن على عباده بما آتاهم من زينة السماء وتذليل الأرض وإمساك الطير في الهواء أخذ يذكر ما هو أقرب إلينا، وهو خلق أنفسنا فقال آمرًا رسوله: أن يبين لهم ذلك {قُلْ} أيها الرسول الكريم {هُوَ} سبحانه وتعالى وحده الإله {الَّذِي أَنْشَأَكُمْ} أيها الكفار، كما دل السباق والسياق، ويندرج فيه الإنسان الغافل أيضًا؛ أي (?): أنشأكم إنشاء بريعًا بديعًا لا مثيل له، وابتدأ خلقكم على أحسن خلق بأن صوركم وأحسن صوركم. {وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ} وأعطى لكم الأذن لتسمعوا آيات الله التنزيلية، وتعملوا بموجبها. وقدم السمع؛ لأنه شرط النبوّة، ولذلك ما بعث رسولًا أصم، وأفرده دون الأبصار؛ لأنّه مصدر يطلق بلفظه على القليل والكثير. {و} جعل لكم {الْأَبْصَارَ} لتنظروا بها إلى الآيات التكوينية الشاهدة بشؤون الله تعالى، ولتبصروا جميع مظاهره تعالى في غاية الكمال ونهاية الإتقان. {و} جعل لم {الْأَفْئِدَةَ} والقلوب لتتفكروا بها فيما تسمعونه وتشاهدونه من الآيات التنزيلية والتكوينية، وترتقوا في معارج الإيمان والطاعة. والأفئدة: جمع فؤاد وهو القلب. وخصَّ (?) هذه الثلاثة بالذكر لأنّ العلوم والمعارف بها تحصل، كما في كشف الأسرار؛ ولأنّ القلب كالحوض حيث ينصب إليه ما حصل من طريق السمع والبصر، فذكر سبحانه هنا أنّه قد جعل لهم ما يدركون به المسموعات والمبصرات والمعقولات، إيضاحًا للحجة وقطعًا للمعذرة وذمًّا لهم على عدم شكر نعم الله، ولهذا قال: {قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} باستعمالها فيما خلقت لأجله من الأمور المذكورة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015