{يَقْبِضْنَ} أجنحتها؛ أي: يضممنها إلى جنوبهن إذا ضربنها بها حينًا فحينًا للاستظهار والاستعانة به على التحرك والطيران، قال ابن الشيخ: {وَيَقْبِضْنَ} معطوف على صافاتٍ؛ لأنّه معنى وقابضات، وإلا لما عطف الفعل على الاسم.

فإن قلت: لِمَ لَمْ يعبّر (?) باسم الفاعل ابتداء فيقال: وقابضات؟

قلت: لأن الأصل في الطيران هو وصف الأجنحة؛ لأن الطيران في الهواء كالسباحة في الماء، والأصل في السباحة مد الأطراف وبسطها، وأما القبض فطارىءٌ على البسط للاستظهار به على التحرك؛ فجيء بما هو طارىء غير أصل بلفظ الفعل الدال على التجدد على معنى أنهن صافات، ويكون منهن القبض تارة بعد تارة كما يكون من السابح، قاله الزمخشري. اهـ، خطيب. وقيل إن معنى {وَيَقْبِضْنَ} قبضهن لأجنحتهن عند الوقوف من الطيران لا قبضها حال الطيران. وجملة قوله: {مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ}: في محل (?) النصب على الحال من فاعل {يقبضن} أو مستأنفة لبيان كمال قدرة الله سبحانه وتعالى. والمعنى: أنّه ما يمسكهن في الهواء، وما يمنعهن عن السقوط عند الصف والقبض، على خلاف مقتضى الطبع الجسماني؛ فإنه يقتضي الهبوط إلى السفل.

{إِلَّا الرَّحْمَنُ} الواسع رحمته كل شيء القادر على كل شيء بأن برأهن على أشكال وخصائص، وهيأهن للجري في الهواء. {إِنَّهُ} سبحانه وتعالى {بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ} لا يخفى عليه شيءٌ كائنًا ما كان، يعلم إبداع المبدعات وتدبير العجائب، والبصير هو الذي يشاهد ويرى، لا يعزب عنه ما تحت الثرى، وهو في حقه تعالى عبارة عن الوصف الذي ينكشف به كمال نعوت المبصرات؛ فالبصر صفة زائدة على علمه تعالى خلافًا للقدريّة؛ فمن عرف هذه الصفة كان المراد به دوام المراقبة ومطالبة النفس بدقيق المحاسبة والمراقبة إحدى ثمرات الإيمان. وقرأ الجمهور (?) {ما يُمْسِكُهُنّ} مخفّفًا.

ومعنى الآية: أغفلوا عن قدرتنا ولم ينظروا إلى الطير فوقهم وهي باسطات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015