[11]

وقصارى ما سلف: أنهم قالوا لو كنّا سمعنا كلام النذير، وقبلناه اعتمادًا على ما لاح من صدقه، وفكرنا فيه تفكير المستبصر، وعملنا به .. ما كنّا في زمرة المعذّبين، ولكن هيهات هيهات؛ فلا يجدي الاعتراف بالذنب، ولا يفيد الندم، فقد فات أوانه وسبق ما حُمَّ به القضاء.

صَاحِ هَلْ رَيْتَ أَوْ سَمِعْتَ بِرَاعٍ ... رَدَّ فِي الضَّرْعِ ما قَرَى فِي الحِلَابِ

11 - ومن ثم أحل بهم سبحانه نقمته؛ فقال: {فَاعْتَرَفُوا}؛ أي: أقروا اضطرارًا حين لا ينفعهم الاعتراف، وهو إقرار عن معرفة. {بِذَنْبِهِمْ} اختيارًا بصرف قواهم إلى سوء الاقتراف، وهو كفرهم وتكذيبهم بآيات الله ورسله. وقال بعضهم (?): أفرد الذنب؛ لأنه يفيد فائدة الجمع، بكونه اسم جنس شامل للقليل والكثير، أو أريد به الكفر؛ وهو وإن كان على أنواع فهو ملّة واحدة في كونه نهاية الجرم واقتضاء الخلود الأبديّ في النار. {فَسُحْقًا} مصدرٌ مؤكد، إما لفعل متعدٍّ من المزيد بحذف الزوائد؛ أي: فأسحقهم الله؛ أي: أبعدهم من رحمته سحقًا؛ أي: إسحاقًا وإبعادًا بسب ذنبهم أو لفعل مرتّب على ذلك الفعل؛ أي: فأسحقهم الله فسحقوا؛ أي: بعدوا سحقًا؛ أي: بعدًا، ويقال: سحق الشيء مثل: كرم فهو سحيق، أي: بعد فهو بعيد، قيل: هو تحقيق، وقيل: هو على الدعاء، وتعليم من الله لعباده أن يدعوا عليهم به، كما في التيسير، وقال بعضهم: هو دعاء عليهم من الله إشعارًا بأن المدعو عليهم مستحقون لهذا الدعاء، وسيقع عليهم المدعو به من البعد والهلاك، وقال سعيد بن جبير وأبو صالح: هو وادٍ في جهنم، يقال له: السحق.

وقرأ الجمهور (?): {فسحقا} بسكون الحاء، وقرأ عليُّ، وأبو جعفر، والكسائي بخلاف عن أبي الحارث عنه بضمها؛ وهما لغتان مثل: السحت والرعب.

واللام في قوله: {لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ} للبيان كما في هيت لك، والمراد بهم الشياطين والداخلون من الكفرة، وفيه إشارة إلى أنّ الله تعالى بعد أهل الحجاب من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015