يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها" أخرجه مسلم.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر". أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن.

والمعنى: أي يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله، ارجعوا من ذنوبكم إلى طاعة الله سبحانه وإلى ما يرضيه عنكم، رجوعًا لا تعودون فيه أبدًا.

{عَسَى رَبُّكُمْ}؛ أي: حقق ربكم {أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}؛ أي: أن يستر ويمحو عنه سيئات أعمالكم التي اسلفت منكم، بل يبدلها حسنات. {و} أن {يُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ}؛ أي: بساتين {تَجْرِي} وتسيل {مِنْ تَحْتِهَا}؛ أي: من تحت أشجارها وقصورها {الْأَنْهَارُ} الأربعة المعهودة. وجمَع جنات إما لكثرة المخاطبين؛ لأن لكل منهم جنة، أو لتعددها لكل منهم من الأنواع. قال في "الإرشاد": ورود (?) صيغة الإطماع والترجية للجري على سنن الكبراء، فإن الملوك يجيبون بلعل وعسى، ويقع ذلك موقع القطع وللإشعار بأنه تفضل، والتوبة غير موجبة له، وأن العبد ينبغي له أن يكون بين الخوف والرجاء، وإن بالغ في إقامة وظائف العبادة.

يقول الفقير: التكفير إشارة إلى الخلاص من الجحيم؛ لأن السيئات هي سبب العذاب، فإذا زال السبب .. زال المسبب، وإدخال الجنات إشارة إلى التقريب؛ لأن الجنان موضع القرب والكرامة، وجريان الأنهار إشارة إلى الحياة الأبدية؛ لأن الماء أصل الحياة وعنصرها، فلا بد للإنسان في مقابلة هذه الأنهار من ماء العلم ولبن الفطرة وعسل الإلهام وخمر الحال، فكما أن الحياة المعنوية في الدنيا إنما تحصل بهذه الأسباب .. فكذا الحياة الصورية في الآخرة إنما تحصل بصورها.

وقرأ الجمهور (?): {وَيُدْخِلَكُمْ} بالنصب عطفًا على {أَنْ يُكَفِّرَ}. وقرىء بالجزم، وقال الزمخشري: عطفًا على محل {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ} كأنه قيل: توبوا يوجب تكفير سيئاتكم ويدخلكم، انتهى. والأولى أن يكون حذف الحركة تخفيفًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015