التعريف يعني أعلمها به وأنبأها عليه، وقرأ السلمي، والحسن، وقتادة، وطلحة، والكسائي، وأبو عمرو في رواية هارون عنه بتخفيف الراء؛ أي: جازى بالعتب واللوم، كما تقول لمن يؤذيك: لأعرفن لك ذلك؛ أي: لأجازينك. وقيل: إنه طلق حفصة وأمر بمراجعتها، وقيل: عاتبها ولم يطلقها، وقرأ ابن المسيب، وعكرمة {عَرَاف} بألف بعد الراء، وهي إشباع، قال ابن خالويه: يقال: إنها لغة يمانية، ومثالها قوله:

اعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْعَقْرَابِ ... الشَّائِلَاتِ عُقَدَ الأَذْنَابِ

يريد من العقرب.

أي: عرف النبي - صلى الله عليه وسلم - حفصة {بَعْضَهُ}؛ أي: بعض الحديث الذي أفشته إلى صاحبتها على طريق العتاب؛ بأن قال لها: ألم أك أمرتك أن تكتمي سري، ولا تبديه لأحد وهو حديث الإمامة. روي: أنه عليه السلام لما عاتبها .. قالت: والذي بعثك بالحق ما ملكت نفسي .. فرحًا بالكرامة التي خص الله بها أباها، وبعض الشيء جزء منه. واختار أبو عبيد (?)، وأبو حاتم القراءة الأولى؛ لقوله: {وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ}؛ أي: لم يعرفها إياه، ولو كان مخففًا لقال في ضده: وأنكر. {وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ}؛ أي: عن تعريف بعض تكرمًا وحياء وحسن عشرة، وهو حديث مارية، وقال بعضهم: عرف تحريم الأمة وأعرض عن تعريف أمر الخلافة، كراهة أن يُنشر ذلك في الناس، وتكرمًا منه وحلمًا. وفيه حث على ترك الاستقصاء فيما جرى من ترك الأدب، فإنه صفة الكرام. قال الحسن: ما استقصى كريم قط. وقال بعضهم: ما زال التغافل من فعل الكرام.

ومعنى الآية (?): أي واذكر يا محمد حين أسر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى حفصة أنه كان يشرب عسلًا عند زينب بنت جحش، وقال: "لن أعود له، وقد حلفت لا تخبري بذلك أحدا"، فلما أخبرت عائشة بما استكتمها من السر، وأطلعه الله على ما دار بين حفصة وعائشة بما كان قد. طلب من حفصة أن تكتمه، أخبر حفصة ببعض الحديث الذي أفشته، وهو قوله لها: كنت شربت عسلًا عند زينب بنت جحش فلن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015