[11]

المهور. أي: إذا ارتدت امرأة أحدكم ولحقت بدار الكفر .. فاسألوا مهرها ممن تزوجها. ولعل (?) هذا لتطرية قلوب بعض المؤمنين بالمقابلة والمعادلة وإلا .. فظاهر حال الكرام الاستغناء. {وَلْيَسْأَلُوا}؛ أي: وليسأل الكفار وليطلبوا منكم {مَا أَنْفَقُوا} من مهور أزواجهم المهاجرات إليكم. أي: وليسأل كل معاهد أسلمت امرأته وهاجرت إليكم ممن تزوجها منكم مهرها، والمراد: أن عليكم أن تؤدوا لهم ذلك.

وظاهر قوله تعالى: {وَلْيَسْأَلُوا} يدل على أن الكفار مخاطبون بالأحكام، وهو أمر للمؤمنين بالأداء مجازًا من قبيل إطلاق الملزوم وإرادة اللازم، كما في قوله: {وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} فإنه بمعنى: وأغلظوا عليهم.

{ذَلِكُمْ} الذي ذُكر في هذه الآية من الأحكام، أو ما ذكر من إرجاع المهور من الجهتين {حُكْمُ اللَّهِ} تعالى؛ أي: ما حكم الله سبحانه لأن يراعى. وقوله تعالى: {يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} كلام مستأنف للتأكيد والحث على الرعاية والعمل به، أو في محل النصب على الحال. قال في "فتح الرحمن": ثم نسخ هذا الحكم بعد ذلك، إلا قوله: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}.

{وَاللَّهُ عَلِيمٌ} بمصالحكم {حَكِيمٌ} فيما شرعه لكم، يشرع ما تقتضيه المصلحة والحكمة البالغة. قال ابن العربي: حكم الله هذا كان مخصوصًا بذلك الزمان في تلك النازلة خاصة بإجماع المسلمين. وقال الزهري: ولولا هذه الهدنة والعهد الذي كان بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين قريش يوم الحديبية .. لأمسك النساء ولم يردَّ الصداق، وكذا كان يصنع بمن جاءه من المسلمات قبل العهد.

11 - وروي (?): أنه لما نزلت هذه الآية .. أدى المؤمنون ما أمروا به من مهور المهاجرات إلى أزواجهن المشركين، وأبى المشركون أن يؤدوا شيئًا من مهور الكوافر إلى أزواجهن المسلمين، وقالوا: نحن لا نعلم لكم عندنا شيئًا، فإن كان لنا عندكم شيء .. فوجهوا به، فنزل قوله تعالى: {وَإِنْ فَاتَكُمْ} الفوت: بُعد الشيء عن الإنسان بحيث يتعذر إدراكه. وتعديته بإلى لتضمنه معنى السبق أو الانفلات، دل عليه قوله تعالى: {فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ}؛ أي: إلى الكفار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015