في ذلك جد خطير في سياسة الدولة الإِسلامية ونشر الملة ... كرر النهي عن موالاة الكافرين مرة أخرى، يهودًا كانوا أو نصارى؛ ليكون عظة وذكرى لحاطب بن أبي بلتعة ومن نحا نحوه ممن يفضلون توثيق الصلات الدنيوية على مصلحة الدعوة الدينية ويجعلون شؤون الدنيا مقدمة على شؤون الدين.

أسباب النزول

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ ...} الآية، سبب نزول هذه الآية: ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: قال: أنه لما جرى الصلح مع مشركي مكة عام الحديبية على أن من أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل مكة يرده إليهم وإن كان مسلمًا، جاءت سُبيعة - بصيغة التصغير - بنت الحارث الأسلمية بعد الفراغ من الكتاب والشعبي بالحديبية، فأقبل زوجها - وكان كافرًا، وهو صيفي بن الراهب، وقيل: مسافر المخزومي - فقال: يا محمد! أردد عليّ امرأتي فأنت شرطت ذلك، وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد. فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ...} الآية، اهـ. "خطيب". فاستحلفها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحلفت، فأعطى زوجها ما أنفق، وتزوجها عمر بن الخطاب. اهـ. "بيضاوي".

وأخرج البخاري عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما عاهد كفار قريش يوم الحديبية جاءه نساء مسلمات، فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} حتى بلغ {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}. فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك. وأخرجه أيضًا من حديثهما بأطول من هذا، وفيه: وكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي عاتق، فجاء أهلها يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجعها إليهم حتى أنزل الله في المؤمنات ما أنزل.

وقد اختلف العلماء في المرأة التي كانت سببًا لنزول هذه الآية على ثلاثة أقوال (?):

أحدها: أنها سبيعة، وقد ذكرناه عن ابن عباس.

والثاني: أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وقد ذكرناه عن جماعة من أهل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015