رقبة مؤمنة، فلا تجزىء كافرة قياسًا على كفّارة القتل على ما ذهب إليه الشافعي ومالك، واشترطا أيضًا: سلامتها من كل عيب. أو إعتاق أي رقبة مؤمنة كانت أو كافرة، وإن كان الأولى تحرير المؤمنة على ما قاله أبو حنيفة، وهو الظاهر.
والتحرير: جعل الإنسان حرًا، وهو خلاف الرقيق. والرقبة: ذات مرقوق مملوك، سواء كان مؤمنًا أو كافرًا، ذكرًا أو أنثى، صغيرًا أو كبيرًا، هنديًا أو روميًا، عربيًا أو حبشيًا. فيعتقها مقرونًا بالنية، وإن كان محتاجًا إلى خدمتها، فلو نوى بعد العتق أو لم ينو .. لم يجزىء، وإن وجد ثمن الرقبة وهو محتاج إليه .. فله الصيام، كما في "الكواشي". ولا يجزىء إعتاق أمّ الولد، والمدبر، والمكاتب الذي أدّى شيئًا، فإن لم يؤدّ .. جاز. ويجب أن تكون سليمة من العيوب الفاحشة بالاتفاق. واشترط الشافعي الإيمان قياسًا على كفّارة القتل، كما قال تعالى فيها: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤمَنَةٍ}. قلنا: حمل المطلق على المقيد إنما هو عند اتحاد الحادثتين واتحاد الحكم أيضًا، وهنا ليس كذلك.
و {الفاء}: فيه رابطة الخبر بالمبتدأ لشبهه بالشرط، وفيها معنى السببية. ومن فوائدها (?): الدلالة على تكرر وجوب التحرير بتكرر الظهار؛ لأن تكرر السبب يوجب تكرر المسبب، كقراءة آية السجدة في موضعين. فلو ظاهر من امرأته مرتين أو ثلاثًا في مجلس واحد، أو مجالس متفرقة .. لزمه بكل ظهار كفارة. هذا عند الأحناف {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}؛ أي: من قبل أن يستمتع كل من المظاهر والمظاهر منها بالآخر جماعًا وتقبيلًا ولمسًا، ونظرًا إلى الفرج بشهوة، ذلك لأنّ اسم التماس، يتناول الكلّي، وإن وقع شيء من ذلك قبل التكفير .. يجب عليه أن يستغفر؛ لأنه ارتكب الحرام. ولا يعود حتى يكفر وليس عليه شيء سوى الكفارة الأولى بالاتفاق. وإن أعتق بعض الرقبة ثمّ مسّ .. فعليه أن يستأنف عند أبي حنيفة، ولا تسقط الكفارة بل يأتي بها على وجه القضاء، كما لو أخّر الصلاة عن وقتها فإنه لا يسقط عنه الإتيان بها بل يلزمه قضاؤها.
وفي الآية دليل على أنّ المرأة لا يجوز لها أن تدع الزوج أن يقربها قبل الكفارة؛ لأنه نهاهما جميعًا عن المسيس قبل الكفارة. قال القهستاني: لها مطالبة