ينو شيئًا .. لغا. وأنت عليّ حرام كأمي: صحّ فيه ما نوى من ظهار أو طلاق أو إيلاء، ولو قال: أنت أمي أو أختي أو بنتي، بدون التشبيه .. فهو ليس بظهار، يعني: إن قال: إن فعلت كذا فأنت أمي، ففعلته .. فهو باطل وإن نوى التحريم. ولو قالت لزوجها: أنت عليّ كظهر أمّي .. فإنه ليس بشيء، وقال الحسن: إنه يمين. والكلام على الظهار مبسوط في كتب الفروع، فراجعها إن أردت الخوض فيه.
وفي إيراد (?) {مِنكُم} مع كفاية {مِنْ نِسَائِهِمْ} مزيد توبيخ للعرب، وتقبيح لعادتهم في الظهار، فإنه كان من أيمان جاهليتهم خاصة دون سائر الأمم، فلا يليق بهم بعد الإِسلام أن يراعوا تلك العادة المستهجنة، فكأنه قيل: منكم على عادتكم القبيحة المستنكرة. ويحتمل أن يكون لتخصيص نفع الحكم الشرعي للمؤمنين بالقبول والاقتداء به؛ أي: منكم أيها المؤمنون المصدّقون بكلام الله، المؤتمرون بأمر الله، إذ الكافرون لا يستمعون الخطاب، ولا يعلمون بالصواب.
وفي قوله: {مِنْ نِسَائِهِمْ} إشارة إلى أن الظهار لا يكون في الأمة، ومن ذلك قالوا: إن للظهار ركنًا، وهو: التشبيه المذكور، وشرطًا وهو: أن يكون المشبه منكوحةً؛ حتى لا يصح من الأمة، وأهلًا وهو: من كان من أهل الكفارة؛ حتى لا يصح من الذمي والصبي والمجنون، وحكمًا وهو: حرمة الوطء، حتى يكفّر مع بقاء أصل الملك.
وقرأ الجمهور (?): {يظّهَّرون} بالتشديد مع فتح حرف المضارعة. وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي: {يَظَّاهرون} بفتح الياء، وتشديد الظاء، وزيادة ألف. وقرأ أبو العالية، وعاصم، وزر بن حبيش: {يُظَاهِرُونَ} بضم الياء وتخفيف الظاء، وكسر الهاء. وقد تقدم مثل هذا في سورة الأحزاب. وقرأ أبيّ: {يتظاهرون} بفك الإدغام.
وجملة قوله: {مَا هُنَّ}؛ أي: ما نساؤهم {أُمَّهَاتِهِمْ} خبر الموصول؛ أي: ما نساؤهم أمهاتهم على الحقيقة، فهو كذب بحت؛ يعني: أن من قال لامرأته: