برحت حتى نزل جبرائيل بهؤلاء الآيات: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} وهو أوس بن الصامت.
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان، قال: (كان بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين اليهود موادعة، فكانوا إذا مرّ بهم رجل من الصحابة جلسوا يتناجون بينهم، حتى يظن المؤمن أنّهم يتناجون بقتله أو بما يكرهه، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النجوى فلم ينتهوا، فأنزل الله سبحانه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ...} الآية.
قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ ...} الآية، سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه أحمد، والبزار والطبراني بسند جيّد عن عبد الله بن عمرو: أن اليهود كانوا يقولون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: السام عليكم، ثم يقولون في أنفسهم: لولا يعذّبنا الله بما نقول. فنزلت هذه الآية {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ ...} الآية. وفي الباب عن أنس وعائشة.
قوله تعالى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه ابن جرير عن قتادة قال: كان المنافقون يتناجون بينهم، وكان ذلك يغيظ المؤمنين ويَكْبُر عليهم، فأنزل الله سبحانه: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ ...} الآية.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه ابن جرير - أيضًا - عن قتادة قال: كانوا إذا رأوا من جاءهم مقبلًا ضنوا بمجلسهم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنزلت هذه الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل: أنها نزلت يوم الجمعة، وقد جاء ناس من أهل بدر وفي المكان ضيق فلم يفسح لهم، فقاموا على أرجلهم، فأقام - صلى الله عليه وسلم - نفرًا بعدتهم وأجلسهم مكانهم، فكره أولئك النفر ذلك، فنزلت.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ ...} الآية فلما نزلت صبر كثير من الناس، وكفوا عن المسألة، فأنزل الله ذلك: {أَأَشْفَقْتُمْ ...} الآية.
وأخرج الترمذي - وحسنه - وغيره عن علي قال: لما نزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً}. قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما ترى دينارًا"؟ قلت: لا يطيقونه، قال: "فنصف دينار"، قلت: لا يطيقونه، قال: "فكم"؟