[20]

يتفاوتون في ذلك بحسب ما كانوا عليه في الدنيا من الأعمال.

والخلاصة: أن العاملين أقسام. فمنهم: النبيون، والصديقون، والشهداء، والصالحون كما قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)}.

ولما ذكر الله سبحانه السعداء ومآلهم .. أردف ذلك بذكر حال الأشقياء ومصيرهم. فقال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا} بالله ورسله {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا}؛ أي: كذبوا بآيات الله، وحججه، وبراهينه الدالة على وحدانيته وصدق رسله {أُولَئِكَ} الموصوفون بالصفات القبيحة المذكورة {أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}؛ أي: أصحاب النار، خالدين فيها أبدا لا يفارقونها، يعذبون بها، ولا أجر لهم ولا نور، بل لهم عذاب مقيم وظلمة دائمة.

وفيه (?): دليل على أن الخلود في النار مخصوص بالكفار، من حيث إن التركيب يشعر بالاختصاص، والصحبة تدل على الملازمة عرفًا، وأراد بالكفر: الكفر بالله، فهو في مقابلة الإيمان بالله، وبتكذيب الآيات: تكذيب ما بأيدي الرسل من الآيات الإلهية، وتكذيبها تكذيبهم فهو في مقابلة الإيمان والتصديق بالرسل. ففيه وصف لهم بالوصفين القبيحين اللذين هما: الكفر والتكذيب.

20 - ولما ذكر سبحانه حال الفريق الثاني، وما وقع منهم من الكفر والتكذيب، وذلك بسبب ميلهم إلى الدنيا وإيثارها بين لهم حقارتها، وأنها أحقر من أن تؤثر على الدار الآخرة. فقال: {اعْلَمُوا} أيها المكبون على الدنيا المعرضون عن الآخرة {أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} لفظ الحياة زائد، والمضاف مضمر، و {ما} صلة؛ أي: اعلموا أن أمور الدنيا وشؤونها لشعب إلخ، ويجوز أن تجعل الحياة الدنيا مجازًا عن أمورها بعلاقة اللزوم. وفي "كشف الأسرار": الحياة القربى في الدار الأولى. فإن المقصود الحياة في هذه الدار، فكل ما قبل الموت دنيا، وكل ما تأخر عنه أخرى. {لَعِبٌ}؛ أي: عمل باطل تتعبون فيه أنفسكم إتعاب اللاعب بلا فائدة. واللعب (?) في أصله: هو فعل الصبيان الذين يتعبون أنفسهم جدًّا، ثم إن تلك الملاعب تنقضي من غير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015