سورة الرحمن، وتسمى عروس القرآن، مكية، نزلت بعد سورة الرعد. قال القرطبيّ: كلها مكية في قول الحسن، وعروة بن الزبير، وعكرمة، وعطاء، وجابر. قال: قال ابن عباس: مكية إلا آيةً منها، وهي قوله: {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآية. وقال ابن مسعود، ومقاتل: هي مدنية كلها. والأول (?) أصح. ويدل عليه ما أخرجه النحاس عن ابن عباس قال: نزلت سورة الرحمن بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال: نزل بمكة سورة الرحمن، ويؤيّد القول الثاني ما أخرجه ابن الضريس، وابن مردويه، والبيهقي في "الدلائل" عن ابن عباس قال: نزلت سورة الرحمن بالمدينة. ويمكن الجمع بين القولين بأنّه نزل بعضها بمكة، وبعضها بالمدينة.
وآيها ست أو سبع أو ثمان وسبعون آية، وكلماتها ثلاث مئة وإحدى وخمسون كلمة، وحروفها ألف وست مئة وستة وثلاثون حرفًا. وسميت سورة الرحمن لابتدائها بلفظ الرحمن.
مناسبة هذه السورة لما قبلها من أوجه (?):
1 - أن فيها تفصيل أحوال المجرمين، والمتقين التي أشير إليها في السورة السابقة إجمالًا في قوله: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47)} وقوله: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54)}.
2 - أنّه عدد في السورة ما نزل بالأمم التي قد خلت من ضروب النقم، وبين عقب كل ضرب منها أن القرآن قد يسر لتذكر الناس، وإيقاظهم، ثم نعى عليهم إعراضهم. وهنا عدد ما أفاض الله على عباده من ضروب النعم الدينية والدنيوية في