أحدهم القعود عليها تطامت واتضعت، فإذا قعد عليها ارتفعت إلى أصل حالها.
والمعنى (?): أي يجلسون على سرر مصفوف بعضها بجوار بعض جلسة المتكىء الذي لا كلفة عليه، ولا تكلف لديه. فإن من يكون عنده من يكلف له يجلس ولا يتكىء ومن يكون في مهم لا يتفرغ للاتكاء فحالهم حال اطمئنان، ورفع كلفة، وخلو بال. ونحو الآية قوله تعالى: {عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}.
ثم ذكر ما يتمتعون به من الأزواج، فقال: {وَزَوَّجْنَاهُمْ}؛ أي: قرناهم {بِحُورٍ عِينٍ}؛ أي: جعلنا لهم قرينات صالحات، وزوجات حسانات، واسعات العيون. واحد الحور: حوراء، وواحد العين: عيناء. وإنما سمين حورًا؛ لأنَّ الطرف يحار في حسنهن، وعينًا لأنهن الواسعات الأعين مع جمالها. والتزويج هنا ليس على أصل معناه: وهو عقد النكاح. بل بمعنى تصييرهم أزواجًا. لأنّه ليس في الجنة تزويج كالدنيا؛ لأنّ الجنة ليست دار تكليف. فشأن تزوج أهل الجنّة بالحور بقبول بعضهم بعضًا، لا بأن يعقد بينهم عقد النكاح. وقرأ عكرمة (?): {بحور عين} على الإضافة.
21 - ولمّا فرغ سبحانه من ذكر أهل الجنة على العموم .. ذكر حال طائفة منهم على الخصوص، فقال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا} مبتدأ، خبره {أَلْحَقْنَا بِهِمْ}. {وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ}؛ أي: نسلهم، معطوف على {آمَنُوا} {بِإِيمَانٍ} متعلق بـ {اتبعوا}. والتنكير فيه (?) للتقليل؛ أي: بشيء من الإيمان. وتقليل الإيمان ليس مبنيًا على دخول الأعمال فيه، بل المراد: قلة ثمرته، ودناءة قدره بذلك. فالتقليل فيه بمعنى التحقير.
والمعنى: واتبعتهم ذريتهم بإيمان في الجملة، قاصرين عن رتبة إيمان الآباء. واعتبار هذا القيد للإيذان بثبوت الحكم في الإيمان الكامل أصالةً، لا إلحاقًا.
{أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}؛ أي: أولادهم الصغار والكبار في الدرجة. كما روي: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "أنه تعالى يرفع ذرية المؤمن في درجته"، وإن كانوا دونه لتقر بهم عينه؛ أي: يكمل سروره. ثم تلا هذه الآية.