في كل أرض آدم كآدمكم، ونوح مثل نوحكم، وإبراهيم مثل إبراهيمكم. وليس هذا القول بأعجب من قول الفلاسفة: إن الشموس شموس كثيرة، والأقمار أقمار كثيرة. ففي كل أقليم شمس وقمر ونجوم. وقال القدماء: سبع على المجاورة والملاصقة وافتراق الأقاليم لا على المطابقة والمكابسة. وأهل النظر من المسلمين يميلون إلى هذا القول. ومنهم من يقول: سبع على الانخفاض والارتفاع كدرج المراقي. ويزعم بعضهم أن الأرض مقسومة لخمس مناطق. وهي المنطقة الشمالية، والجنوبية، والمستوية، والمعتدلة، والوسطى.

واختلفوا في مبلغ الأرض، وكمّيتها. فروي عن مكحول أنه قال: ما بين أقصى الدنيا إلى أدناها مسيرة خمس مئة عام مئتان من ذلك في البحر، ومئتان ليس يسكنها أحد, وثمانون فيها يأجوج ومأجوج، وعشرون فيها سائر الخلق.

وعن قتادة قال: الدنيا أربعة وعشرون ألف فرسخ، فملك السودان - يعني: إفريقيا كلها منها - اثنا عشر ألف فرسخ، وملك الروم ثمانية آلاف فرسخ، وملك العجم والترك ثلاثة آلاف فرسخ، ملك العرب ألف فرسخ. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: ربع من لا يلبس الثياب من السودان أكثر من جميع الناس. وقال بطليموس: بسيط الأرض كلها مئة واثنان وثلاثون ألف ألف وست مئة ألف ميل. فتكون مئتي ألف وثمانية وثمانين ألف فرسخ. فإن كان حقًا فهو وحي من الحق أو إلهام، وإن كان قياسًا واستدلالًا فهو قريب من الحق أيضًا. وأما قول قتادة، ومكحول فلا يوجب العلم اليقيني، الذي يقطع على الغيب، كذا في "خريدة العجائب". وكل هذه الأقاويل ظنية لا مستند لها ولا أصل.

والمعنى (?): أي ومهدنا الأرض وجعلناها صالحة لسكنى الإنسان والحيوان، وجعلنا فيها الأرزاق، والأقوات من الحيوان والنبات، وغيرهما مما يكفل بقاءهما إلى حين، ووضعنا فيها من المعادن في ظاهرها وباطنها ما فيه زينة لكم. فتبنون المساكن من حجارتها، وتتخذون العلي من ذهبها وفضتها وأحجارها الكريمة، وتصنعون آلات الحرب، والسفن، والطائرات من حديدها ومعادنها الأخرى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015