لصاح، إلا أن يؤخذ عقله بمشاهدة تمنع إحساسه. اهـ.
وقد كره (?) بعض العلماء رفع الصوت عند قبره - صلى الله عليه وسلم -، وكذا القرب منه عليه السلام في المواجهة عند السلام، بحيث كان بينه وبينه - صلى الله عليه وسلم - أقلَّ من أربعة أذرع، وكره بعضهم رفع الصوت في مجالس الفقهاء؛ تشريفًا لهم، إذ هم ورثة الأنبياء، قال سليمان بن حرب: ضحك إنسان عند حمّاد بن زيد، وهو يحدث بحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فغضب حمّاد، وقال: إنّي أرى رفع الصوت عند حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ميت، كرفع الصوت عنده وهو حيّ، وقام وامتنع من الحديث ذلك اليوم.
3 - ثم رغب سبحانه في امتثال ما أمر به، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ}؛ أي: يخفضون {أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ} - صلى الله عليه وسلم -؛ مراعاةً للأدب، وخشية من مخالفة النهي {أُولَئِكَ}: مبتدأ، خبره: قوله: {الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ} سبحانه وتعالى {قُلُوبَهُمْ}؛ أي: شرح قلوبهم، ووسعها {لِلتَّقْوَى} وصفّاها، وأخلصها للتقوى، والجملة الابتدائية. خبر {إِنَّ}. وعن عمر رضي الله عنه: أذهب عنها الشهوات؛ أي: نزع عنها محبّة الشهوات، وصفَّاها عن دنس سوء الأخلاق، وحلَّاها بمكارمها، حتى انسلخوا عن عادات البشرية. {لَهُمْ} في الآخرة {مَغْفِرَةٌ} عظيمة لذنوبهم {وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} التنكير للتعظيم؛ أي: ثابت لهم غفران، وأجر عظيم لا يقادر قدره لغضّهم، وسائر طاعاتهم، فهو استئناف لبيان جزاء الغاضين مدحًا لحالهم، وتعريضًا بسوء حال من ليس مثلهم، أو خبر ثان لـ {إِنَّ}.
وروى أحمد في "الزهد" عن مجاهد قال: كتب إلى عمر: يا أمير المؤمنين، رجل لا يشتهي المعصية، ولا يعمل بها أفضل، أم رجل يشتهي المعصية، ولا يعمل بها؟. فكتب عمر رضي الله عنه: إن الذين يشتهون المعصية، ولا يعملون بها، أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى، لهم مغفرة وأجر عظيم.