وأخرج عنه قال: كانوا يجهرون له بالكلام، ويرفعون أصواتهم، فأنزل الله: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ ...} الآية.
وأخرج أيضًا عن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس قال: لما نزلت هذه الآية {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ...} قعد ثابت بن قيس في الطريق يبكي، فمرّ به عاصم بن عديّ بن العجلان، فقال: ما يبكيك؟ قال: هذه الآية، أتخوّف أن تكون نزلت في، وأنا صيّت رفيع الصوت، فرفع عاصم ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدعا به، فقال: "أما ترضى أن تعيش حميدًا، وتقتل شهيدًا، وتدخل الجنة؟ " قال: رضيت، ولا أرفع صوتي أبدًا على صوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ ...} الآية.
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ ...} الآيتين، سبب نزولهما: ما أخرجه الطبراني وأبو يعلى بسند حسن عن زيد بن أرقم، قال: جاء ناس من العرب إلى حجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجعلوا ينادون: يا محمد، يا محمد، فأنزل الله تعالى قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ ...} الآية. وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة: أنّ رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا محمد إنّ مدحي لزين، وإنّ شتمي لشين، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "ذاك هو الله" فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ ...} الآية. مرسل له شواهد مرفوعة من حديث البراء، وغيره عند الترمذي بدون نزول الآية، وأخرج ابن جرير نحوه عن الحسن، وأخرج أحمد بسند صحيح عن الأقرع بن حابس: أنه نادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وراء الحجرات فلم يجبه، فقال: يا محمد إنّ حمدي لزين، وانّ ذمّي لشين، فقال: "ذلك الله". وقال قتادة: نزلت في وفد تميم، وكانوا سبعين رجلًا منهم: الزبرقان بن بدر وعطارد بن حاجب وقيس بن عاصم وعمرو بن الأهتم، جاؤوا إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - للمفاخرة، فنادوا على الباب: اخرج إلينا يا محمد، فإنّ مدحنا لزين، وإنّ ذمّنا لشين، فخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: "إنما ذلكم الله الذي مدحه زين، وذمّه شين" فقالوا: نحن ناس من تميم، جئنا بشاعرنا وخطيبنا نشاعرك ونفاخرك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما بالشعر بعثت، ولا بالفخار أمرت، ولكن هاتوا" فقام