سورة الحجرات مدنيّة، قال القرطبي: بالإجماع، وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس وابن الزبير: أنها نزلت بالمدينة بعد سورة المجادلة، وهي ثماني عشرة آيةً، وثلاث مئة وثلاث وأربعون كلمةً، وألف وأربع مئة وستة وسبعون حرفًا، وكلها محكمة لا ناسخ ولا منسوخ فيها، كما قاله ابن حزم، وسمّيت بالحجرات؛ لذكر لفظ الحجرات فيها.
ومناسبتها لما قبلها من وجوه (?):
1 - ذكر في هذه قتال البغاة، وفي تلك قتال الكفار.
2 - أنّ السابقة ختمت بالذين آمنوا، وافتتحت هذه بهم.
3 - أنّ كلًّا منهما تضمّن تشريفًا وتكريمًا للرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا سيما في مطلعيهما.
قال أبو حيان (?): مناسبتها لآخر ما قبلها ظاهرة؛ لأنه ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ثمّ قال: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} فربما صدر من مؤمن عمل الصالحات بعض شيء ممّا ينبغي أن يجتنب عنه، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} وكانت عادة العرب وهي إلى الآن الاشتراك في الآراء، وأن يتكلم كل بما شاء، ويفعل ما أحبّ، فجرى من بعض من لم يتمرن على آداب الشريعة بعض ذلك، قال قتادة: فربّما قال قوم: ينبغي أن يكون كذا لو أنزل في كذا.