سورة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وتسمّى سورة القتال، وسورة الذين كفروا. وهي مدنية، قال الماوردي في قول الجميع إلا ابن عباس، وقتادة، فإنهما قالا: إلا آية منها نزلت بعد حجة الوداع حين خرج من مكة، وجعل ينظر إلى البيت وهو يبكي حزنًا عليه، فنزل قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ}. وقال الثعلبيُّ (?): إنها مكية، وحكاه ابن هبة الله عن الضحاك، وسعيد بن جبير وهو غلطٌ من القول، فالسورة مدنية كما لا يخفى. وقد أخرج ابن الضريس عن ابن عباس قال: نزلت سورة القتال بالمدينة، وأخرج النحاس، وابن مردويه، والبيهقي في "الدلائل" عنه قال: نزلت سورة محمد بالمدينة، وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير قال: نزلت بالمدينة سورة الذين كفروا.
وهي (?) ثمان أو تسع وثلاثون آية، وخمس مئة وتسع وثلاثون كلمة، وألفان وثلاث مئة وتسعة وأربعون حرفًا، نزلت بعد سورة الحديد.
تسميتها: سمّيت سورة محمد؛ لبيانها تنزيل القرآن على محمد - صلى الله عليه وسلم -، بقوله: {وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ}، ولم يذكر محمد باسمه في القرآن إلا في أربع مواضع: في سورة آل عمران: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ}. وفي سورة الأحزاب: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ}، وهنا في هذه السورة، وفي سورة الفتح: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ}. وأما في غير هذه المواضع الأربعة، فيذكر بصفة الرسول أو النبيّ.
وسميت أيضًا سورة القتال؛ لبيان أحكام قتال الكفار فيها في أثناء المعارك وبعد انتهائها: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ}.
مناسبتها لما قبلها: قال أبو حيان: مناسبة أولها لآخر ما قبلها واضحة