يتجروا في الموسم، فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فنزلت: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} في مواسم الحج.
قوله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ ...} أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: كانت العرب تقف بعرفة، وكانت قريش تقف دون ذلك بالمزدلفة، فأنزل الله: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ ...}.
وأخرج ابن المنذر عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها - قالت: كانت قريش يقفون بالمزدلفة، ويقف الناس بعرفة إلا شيبة بن ربيعة، فأنزل الله: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}.
قوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ ...} الآية، أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان أهل الجاهلية يقفون في الموسم، يقول الرجل منهم: كان أبي يطعم ويحمل الحمالات، ليس لهم ذكر أفعال آبائهم، فأنزل الله: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ ...} الآية.
قوله تعالى: {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا ...} أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف، فيقولون: اللهم اجعله عام غيث وعام خصب وعام ولاء وحسن، لا يذكرون من أمر الآخرة شيئًا، فأنزل الله فيهم: {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} ويجيء بعدهم آخرون من المؤمنين، فيقولون: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202)}.
التفسير وأوجه القراءة
196 - {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}؛ أي: أدوهما تامين كاملين بأركانهما وشروطهما وواجباتهما وآدابهما خالصين {لِلَّهِ} سبحانه وتعالى غير مخلوطين بشيء من الأغراض الدنيوية كالتجارة والاكتساب، أو بشيء مما يحبطهما كالرياء والسمعة والشهرة باسمهما، وفي قراءة {وأقيموا الحج والعمرة لله} واختلف العلماء في معنى إتمامها. قال ابن عباس: إتمامهما: أن يتمهما بمناسكهما وحدودهما