الأولى .. ذكر هنا دليلًا آخر على ذلك، وهو أنه تعالى مالك الكون كله، فهو قادر على التصرف فيه بالإحياء في الإعادة، كما أحياه في البدء، ثم ذكر من أهوال هذا اليوم، أن كل أمة تجثو على ركبها، وتجلس جلسةَ المخاصم بين يدي الحاكم ينتظر القضاء، وكل أمة تدعى إلى صحيفة أعمالها التي كَتَبَتْهَا الحفظة، لتحاسب عليها، ويقال لهم: {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} ولا شاهد عليكم أصدق من كتابكم، فهو صورة أعمالكم قد كتبتها الملائكة في دنياكم.

قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ...} الآيات إلى آخر السورة، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه، لما ذكر (?) أهوال العرض والحساب، وأن أعمال كل أمة تعرض عليها، ويقال لهم: هذا ما كتبته الحفظة في الدنيا، فهو شهادة صدق لا شك فيها .. أردف هذا، ببيان أنه بعد انتهاء هذا الموقف، يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات النعيم، ويوبخ الكافرون على ما فرط منهم في الدنيا، ويقال لهم: لا عذر لكم في الإعراض عن آياتي، حين كانت تتلى عليكم إلا الاستكبار، والعناد، وقد كنتم في الحياة الأولى إذا قيل لكم: إن يوم القيامة آت لا شك فيه، قلتم: لا يقين عندنا به وهو موضع حدس وتخمين، فها هو ذا قد حل بكم، جزاء ما اجترحتموه من السيئات، وما كنتم تستهزؤون في دنياكم، إذ قد خدعتكم بزخارفها، فظننتم أن لا حياة بعد هذه الحياة، ولا مأوى لكم إلا جهنم فادخلوها، ولا مخرج لكم منها، ولا عتبى حينئذ، فلا تنفع توبة مما فرط منكم من الذنوب.

أسباب النزول

قوله تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ ...} الآية، سبب نزول هذه الآية: ما قاله الكلبي (?): أنها نزلت في علي، وحمزة، وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم، وفي ثلاثة من المشركين: عتبة وشيبة والوليد بن عتبة، قالوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015