يستلزم الانحراف عنه، كما قالوا: ثنى عطفه وتولى بركنه، فالباء للتعدية، والمعنى: حينئذٍ انحرف عن شكرنا. وقرأ يزيد بن القعقاع (?): {وناء بجانبه} بالألف قبل الهمزة.

{وَإِذَا مَسَّهُ}؛ أي: وإذا مس هذا الإنسان المعرض المتكبر {الشَّرُّ}؛ أي: جنس الشر كالبلاء والمحنة، وإنما جيء بلفظ الماضي، {وإذا} لأنّ المراد: الشر المطلق، الذي حصوله مقطوع به {فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ}؛ أي: فهو ذو دعاء كثير؛ أي: وإذا مسه البلاء والجهد والفقر والمرض، فذو دعاء كثير، والعرب تستعمل الطول والعرض في الكثرة مجازًا، يقال: أطال فلان الكلام وأعرض الدعاء إذا أكثر، فهو مستعار مما له عرض متسع، للإشعار بكثرته، فإن العريض يكون ذا أجزاء كثيرة وامتداد فمعنى الاتساع يؤخذ من تنكير عريض، فإنه يدل على التعظيم ومعنى: الامتداد يؤخذ من معنى الطول اللازم للعرض.

وإنما قال: {عَرِيضٍ} (?) ولم يقل: طويل، مع أن كلًّا منهما كناية عن الكثرة؛ لأنّ قوله: عريض أبلغ من قوله: طويل إذ الطول أطول الامتدادين، فإذا كان عرضه كذلك؛ أي: متسعًا فما ظنك بطوله، وقد استعير (?) العرض هنا لكثرة الدعاء ودوامه، وهو من صفة الأجرام كما استعير الغلظ لشدة العذاب، ولا منافاة بين قوله: فيؤوس قنوط، وبين قوله: فذو دعاء عريض؛ لأنّ الأول في قوم، والثاني في آخرين، أو قنوط في البر وذو دعاء عريض في البحر، أو قنوط بالقلب، وذو ودعاء عريض باللسان، أو قنوط من الصنم، ذو دعاء عريض لله تعالى كما مر.

والمعنى: أنه إذا مسه الشر تضرع إلى الله، واستغاث به أن يكشف عنه ما نزل به واستكثر من ذلك فذكره في الشدة ونسيه في الرخاء، واستغاث به عند نزول النقمة، وتركه عند حصول النعمة، وهذا صنيع الكافرين، ومن كان غير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015