لما قبلها: أن الله سبحانه لما هدد (?) الكافرين، بأن جزاء كل عامل سيصل إليه يوم القيامة كاملًا غير منقوص، إن كان خيرًا فخير، وإن كان شرًا فشرّ .. أردف ذلك ببيان، أنّ هذا اليوم، لا سبيل للخلق إلى معرفته، فلا يعلمه إلا هو، وأنّ علم الحوادث المقبلة في أوقاتها المعينة، مما استأثر الله به، فلا يعلم أحد متى تخرج الثمرات من الأكمام، ولا متى تحمل المرأة ولا متى تضع، ثم ذكر أنه سبحانه يوم القيامة، ينادي المشركين، تهكمًا وتقريعًا لهم: أين شركائي الذين كنتم تزعمون فيجيبون الآن لا نشهد لأحد منهم بالشركة في الألوهية، وقد غابوا عنم، فلا يرجون منهم نفعًا ولا يفيدونهم خيرًا، وأيقنوا حينئذٍ أن لا مهرب لهم من العذاب.

وعبارة أبي حيان هنا: مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه، لما ذكر (?) {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا ...} الآية .. كان في ذلك دلالة على الجزاء يوم القيامة وكأن سائلًا قال: ومتى ذلك؟ فقيل: لا يعلمها إلا الله، ومن سئل عنها فليس عنده علم بتعيين وقتها، وإنما يرد ذلك إلى الله، ثم ذكر سعة علمه، وتعلقه بما لا يعلمه إلا هو تعالى.

قوله تعالى: {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ ...} الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه، لما بيّن حال الكافرين في الآخرة، وذكر أنهم حينئذٍ يتبرؤون من الشركاء بعد أن كانوا معترفين بهم في الدنيا .. أردف ذلك ببيان، أنَّ الإنسان متبدل الأحوال، متغير الأطوار، إن أحس بخير وقدرة، انتفخت أوداجه، وصعّر خدّيه، ومشى الخيلاء، وإن أصابته محنة وبلاء، تطامن واستكان ويئس من الفرج، وهذا دليل على شدة حرصه على الجمع، وشدة جزعه من الفقد، إلى ما فيه من طيش يتولد عنه إعجابه واستكباره حين النعمة، وتطامنه حين زوالها، وذلك مما يومىء بشغله بالنعمة عن المنعم، في حالي وجودها وفقدها، أما في حال وجودها فواضح، وأما في حال فقدها، فلأن التضرع جزعًا إنما كان على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015