عجبًا لحالهم مع الله سبحانه لمناقضتهم وتعكيسهم في التسبب، حيث جعلوا الكفر سببًا في الالتجاء إلى الله، بأن أقاموه مقام الإيمان مع أن الواجب أن يجعل الإيمان سببًا فيه، وإنما أتى هنا بـ {الفاء} في قوله: {فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ}، وعطف بـ {الواو} في أول السورة في قوله: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ}؛ لأن ما هنا كلام مرتب على ما قبله؛ لأنه ترتب على قوله: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ} إلخ، وأما ما في أول السورة فلم يترتب على ما قبله، وإنما هو ذكر كلامٍ اقتضى عطفه على ما قبله بالواو لمناسبة ما قبله.
{ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ}؛ أي: أعطيناه {نِعْمَةً} صادرة {مِنَّا} تفضلًا وإحسانًا، فإن التخويل مختص بما كان بطريق التفضل، لا يطلق على ما أعطي بطريق الجزاء، أي: إذا أعطيناه مالًا أو عافيةً في البدن تفضلًا منا {قَالَ} ذلك الإنسان {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ}؛ أي: إنما أوتيت هذه النعمة والضمير للنعمة، إن قلنا {ما} كافة في {إِنَّمَا} وتذكير (?) الضمير: نظرًا لكونها بمعنى الفضل أو الإنعام أو الشيء، أو لـ {ما} إن قلنا إنها موصولة، والأول أولى. {عَلَى عِلْمٍ}؛ أي: بسبب علم منى بوجوه المكاسب، أو على علم منى بأني ساعطاه، لما لي من الفضل والاستحقاق، أو على علم من الله سبحانه باستحقاقي وبفضلي، أو {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ}؛ أي: على خير علمه الله منى، فإن كانت النعمة سعةً في المال .. قال: إنما حصل هذا بكسبي واجتهادي، وإن كات صحةً .. قال: إنما حصلت هذه الصحة بسبب العلاج الفلاني، وقوله: {بَلْ هِيَ}؛ أي: تلك النعمة {فِتْنَةٌ} ومحنة وابتلاء لذلك الإنسان، أيشكر أم يكفر، رد لما قاله ذلك الإنسان، أي: ليس ذلك الذي أعطيناك لما ذكرت، بل هو محنة لك، واختبار لحالك أتشكر أم تكفر، قال الفراء: أنث الضمير في قوله: {هِيَ}؛ لتأنيث الفتنة، ولو قال: بل هو فتنة .. لجاز، وقال النحاس: بل عطيته فتنة، وقيل: تأنيث الضمير: باعتبار لفظ الفتنة، وتذكير الأوّل في قوله: {أُوتِيتُهُ} باعتبار معناها {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ}؛ أي: أكثر الناس وهم الكفار {لَا يَعْلَمُونَ} أنّ التخويل والإعطاء والبسط استدراج وامتحان.
والمعنى (?): أي إن أمر المشرك عجيب، يدعو إلى الدهشة والحيرة، فإذا هو