قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ....} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنَّ الله سبحانه وتعالى لمَّا ذكر حبّ المشركين للشرك، ونفرتهم من التوحيد .. أمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالالتجاء إليه، لما قاساه في أمر دعوتهم من شديد مكابرتهم وعنادهم، تسلية له - صلى الله عليه وسلم -، وبيانًا بأنّ سعيه مشكور، وجدّه معلوم لديه، وتعليمًا لعباده أن يلجؤوا إليه حين الشدّة، ويدعوه بأسمائه الحسنى.
ثمّ ذكر أحوالهم يوم القيامة حين يرون الشدائد والأهوال، وما ينتظرهم من العذاب.
قوله تعالى: {فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا ...} الآيات، مناسبة هذه لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما حكى عن المشركين بعض هنواتهم الفاسدة .. حكى عنهم هناةً أخرى، هي: أنهم حين الوقوع في الضرّ من فقر وضرّ يفزعون إلى الله تعالى، ويلجؤون إليه، علمًا منهم أنه لا دافع له إلَّا هو، وإذا نالتهم بعض النعم من فضله .. زعموا أن ذلك بكسبهم وحسن صنيعهم وجميل تدبيرهم، وفي الحقيقة أنّ ما أُوتوه إنما هو فتنة لهم، واختبار لحالهم، ليعلم أيشكرون على ما حباهم به من النعم أم يكفرون؟ ولكن أكثرهم لا يعلمون ذلك، وما هذه المقالة ببدع منهم، بل قالها كثير قبلهم، فلم ينفعهم ذلك شيئًا.
ثمَّ ذكر أن بسط الرزق وتقتيره بيد الله، يبسطه تارةً ويقبضه أخرى، وليس ذلك لسعة الحيلة وحسن التدبير وحدهما، فإنا نرى كثيرًا من العقلاء وأرباب التدبير للمال وحسن تصريفه في ضيق شديد، وكثيرًا من الجهلاء والحمقى في بحبوحة من العيش، ورغد عظيم منه.
أسباب النزول
قول تعالى: {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ....} الآية، سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه عبد الرزاق عن معمر، قال لي رجل: قالوا للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: لتكفّنّ عن شتم آلهتنا أو لنأمرنّها فلتخيلنك، فنزلت: {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ...} الآية.
قوله تعالى: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه ابن المنذر عن مجاهد: أنها نزلت في قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - سورة النجم عند الكعبة، وفرحهم عند ذر الآلهة.