المناسبة
قوله تعالى: {خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه (?) لما أبان أنه منزه عن الولد بكونه إلهًا قهارًا، وأن كل المخلوقات في قبضته وسلطانه .. أردف ذلك، بما يدل على كمال قدرته بآياته، التي أوجدها في الأكوان، وفي خلق الإنسان، فبسط سلطانه على الشمس والقمر، وذللهما، وجعلهما يجريان في ذلك الملكوت، الذي لا يعلم مداه إلا هو، كما خلق الإنسان الأول، وجعل له زوجًا من جنسه، وخلق ثمانية أزواج من الحيوان، ذكر وأنثى، فكانت نواة التناسل في هذه الأنواع، فهل بعد هذا، يجد العاقل معدلًا عن الاعتراف بربوبيته، وعظيم قدرته؟.
قوله تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ ...} الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما أقام (?) الأدلة على وحدانيته تعالى، وذكر أن المشركين عبدة الأصنام، لا دليل لهم على عبادتها، وكأن عقولهم قد ذهبت حين عبدوها .. أعقب ذلك، ببيان أنه هو الغني، عما سواه من المخلوقات، فهو لا يريد بعبادته جر منفعة، ولا دفع مضرة، ولكنه لا يرضى الكفر لعباده، بل يرضى لهم الشكر، وأن كل نفس مطالبة بما عملت، وبعدئذ ترد إلى عالم الغيب والشهادة، فيجازيها بما كسبت، ثم أتبعه بذكر تناقض المشركين فيما يفعلون، فإذا أصابهم الضر، رجعوا في طلب دفعه إلى الله تعالى، وإذا ذهب عنهم، عادوا إلى عبادة الأوثان، وقد كان العقل يقضي، وقد علموا أنه لا يدفع الضر سواه، أن يعبدوه في جميع الحالات، ثم أمر رسوله، أن يقول لهم متهكمًا موبخًا: تمتعوا بكفركم قليلا، ثم مصيركم إلى النار، وبئس القرار.
قوله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه لما أبان صفات المشركين الضالين، وذكر تقلقلهم واضطرابهم في العبادة، إذ يرجعون إليه في وقت الشدة، ويعودون إلى الأوثان