{فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ} أمر من وقع يقع وقوعًا، والأمر: قع؛ أي: اسقطوا له ساجدين: {ما مَنَعَكَ}؛ أي: ما صرفك، وصدك. {مِنَ الْعالِينَ}؛ أي: المستحقين للترفع عن طاعة الله تعالى، المتعالين عن ذلك. {فَإِنَّكَ رَجِيمٌ}؛ أي: مرجوم، ومطرود من كل خير. {لَعْنَتِي}؛ أي: طردي. {أنظرني} الإنظار: الإمهال، والتأخير؛ أي: أمهلني. {مِنَ الْمُنْظَرِينَ}؛ أي: من الممهلين. {لَأُغْوِيَنَّهُمْ}؛ أي: لأضلنهم. {الْمُخْلَصِينَ}؛ أي: الذين أخلصتهم للعبادة. {مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}؛ أي: المدعين معرفة ما ليس عندهم، والتكلف في الأصل: التعسف في طلب الشيء، الذي لا يقتضيه العقل. وفي «المفردات»: تكلف الشيء: ما يفعله الإنسان بإظهار كلفة، مع مشقة تناوله في تعاطيه. وصارت الكلفة في التعارف اسمًا للمشقة، والتكلف: اسم لما يفعل بمشقة، أو بتصنع أو تشيع، ولذلك صار التكليف ضربين:
الأول: محمودًا، وهو ما يتحراه الإنسان، لتوصل به إلى أن يصير الفعل الذي يتعاطاه سهلًا عليه.
والثاني: ما يكون مذمومًا، وإياه عني بقوله: {وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}. {وَلَتَعْلَمُنَّ} أصله: لتعلمونن، حُذفت نون الرفع، لتوالي الأمثال، وواو الفاعل لالتقاء الساكنين.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآية ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: {فَبِئْسَ الْمِهادُ}؛ لأنه مستعار من فراش النائم، إذ لا مهاد في جهنم، ولا استراحة.
ومنها: التهكم في قوله: {هذا فَلْيَذُوقُوهُ}؛ لأن الذوق في الأصل: وجود الطعم بالفم.
ومنها: الحصر في قوله: {إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ}.