خرج حتى جلس على سرير سليمان، وعكفت عليه الطير والوحش والجن والإنس، وخرج سليمان، فأتى أمينة وقد تغيرت حالته، وهيئته عند كل من رآه، فقال: يا أمينة خاتمي، قالت: من أنت؟ قال: سليمان بن داود، فقالت: كذبت قد جاء سليمان وأخذ خاتمه، وهو جالس على سرير ملكه، فعرف سليمان أن خطيئته قد أدركته فخرج، فجعل يقف على الدار من دور بني إسرائيل، فيقول: أنا سليمان بن داود، فيحثون عليه التراب، ويقولون: انظروا إلى هذا المجنون أي شيء يقول، يزعم أنه سليمان، فلما رأى سليمان ذلك، عمد إلى البحر، فكان ينقل الحيتان لأصحاب السوق، ويعطونه كل يوم سمكتين، فإذا أمسى باع إحدى سمكتيه بأرغفة، ويشوي الأخرى فيأكلها، فمكث على ذلك أربعين صباحًا عدة ما كان يعبد الوثن في داره، ثم إن آصف وعظماء بني إسرائيل، أنكروا حكم عدو الله الشيطان في تلك المدة، فقال آصف: يا معشر بني إسرائيل هل رأيتم من اختلاف حكم ابن داود ما رأيتم؟ قالوا: نعم، فقال: أمهلوني حتى أدخل على نسائه، فأسألهن هل أنكرن من خاصة أمره، ما أنكرنا في عامة الناس وعلانيتهم؟ فدخل على نسائه، فقال: ويحكن هل أنكرتن من ابن داود ما أنكرنا؟ فقلن: أشد ما يدع امرأة في دمها، ولا يغتسل من الجنابة، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون.

قال الحسن: ما كان الله سبحانه وتعالى، ليسلط الشيطان على نساء نبيه عليه السلام، قال وهب: ثم إن آصف خرج على بني إسرائيل، فقال: ما في الخاصة أشد مما في العامة، فلما مضى أربعون صباحًا، طار الشيطان عن مجلسه، ثم مر بالبحر، فقذف الخاتم فيه، فبلعته سمكة، فأخذها بعض الصيادين، وقد عمل له سليمان صدر يومه، فلما أمسى أعطاه سمكتيه، فباع سليمان إحداهما بأرغفة، وبقّر بطن الأخرى ليشويها، فاستقبله خاتمه في جوفها، فأخذه وجعله في يده، ووقع لله ساجدا، وعكفت عليه الطير والجن، وأقبل الناس عليه، وعرف الذي كان دخل عليه، لما كان أحدث في داره، فرجع إلى ملكه، وأظهر التوبة من ذنبه، وأمر الشياطين أن يأتوه بصخر، فطلبوه حتى أخذوه، فأُتي به، فأدخله في جوف صخرة، وسد عليه بأخرى، ثم أوثقها بالحديد والرصاص، ثم أمر به، فقذفوه في البحر، فعلى هذا الجسد الذي ألقي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015