عليه، وتمهيدًا لما يعقبه من الأمر بردها وعقرها، والتعقيب بالفاء باعتبار أواخر العرض المستمر دون ابتدائه، والتأكيد للدلالة على أن اعترافه وندمه عن صميم القلب، لا لتحقيق مضمون الخبر، وأصل {أَحْبَبْتُ} أن يُعدى بعلى؛ لأنه بمعنى: آثرت، كما في قوله تعالى: {فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى}، وكل من أحب شيئًا فقد آثره، لكن لما أنيب مناب أنبت، وضمن معناه، عدى تعديته بعن، و {حُبَّ الْخَيْرِ} مفعوله؛ أي: مفعول به لأنبت المضمن، والذي أنيب مناب الذكر، هو الاطلاع على أحوال الخيل، لا حب الخيل، إلا أنه عدّي الفعل إلى حب الخيل، للدلالة على غاية محبته لها، والخير: المال الكثير، والمراد به: الخيل التي شغلته عليه السلام.
ومعنى الآية: أنبت حب الخيل؛ أي: جعلته نائبًا عن ذكر ربي، ووضعته موضعه، وكان يجب لمثلي، أن يشتغل بذكر ربه، وطاعته.
{حَتَّى تَوارَتْ} الشمس، واستترت {بِالْحِجابِ}؛ أي: بما يحجبها عن الأبصار، وهو معربها، قال قتادة، وكعب: الحجاب: جبل أخضر محيط بالخلائق، وهو جبل قاف، وقيل: هو جبل دون قاف، بمسيرة سنة تغرب الشمس من ورائه، اهـ «خازن». وسمي الليل حجابًا، لأنه يستر ما فيه، والضمير في {تَوارَتْ} للشمس، وإضمارها من غير ذكر لدلالة العشي عليها، إذ لا شيء يتوارى حينئذ غيرها. و {حَتَّى} متعلقة بقوله: {أَحْبَبْتُ}، وغاية له باعتبار استمرار المحبة، ودوامها حسب استمرار العرض.
والمعنى: أنبت حب الخير عن ذكر ربي، واستمر ذلك حتى توارت؛ أي: غربت الشمس، تشبيهًا لغروبها في مغربها، بتواري الجارية المخبأة بحجابها؛ أي: المستترة بخبائها وخدرها. وقيل: الضمير في {تَوارَتْ} للصافنات؛ أي: حتى توارت بحجاب الليل؛ أي: بظلامه؛ لأن ظلام الليل يستر كل شيء.
33 - وقوله: {رُدُّوها عَلَيَّ} من تمام مقالة سليمان، والخطاب لأهل العرض من قومه؛ أي: أعيدوا تلك الخيل علي، والفاء في قوله: {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ} عاطفة على مقدر يقتضيه السياق، و {طفق} من أفعال الشروع بمعنى: