أي (?): كما لا نجعل (?) أهل الإيمان والعمل الصالح، الذين هم مظاهر صفات لطفنا وجمالنا، كالمفسدين الذين هم مظاهر صفات قهرنا وجلالنا، كذلك لا نجعل أهل التقوى كالفجار، والفجور: شق سر الديانة، أنكر التسوية أولًا بين أهل الإيمان والشرك، ثم بين أهل التقوى والهوى يعني: من المؤمنين، وهو المناسب لمقام التهديد، والوعيد كي يخاف من الله تعالى، كل صنف بحسب مرتبته، ويجوز أن يكون تكرير الإنكار الأول باعتبار وصفين آخرين، يمنعان التسوية من الحكيم الرحيم.

واعلم (?): أن الله تعالى، سوّى بين الفريقين في التمتع بالحياة الدنيا، بل الكفار أوفر حظا من المؤمنين؛ لأن الدنيا لا تعدل عند الله جناح بعوضة، لكن الله جعل الدار الآخرة، للذين لا يريدون علوًا في الأرض ولا فسادًا، وهم المؤمنون المخلصون، المنقادون لله ولأمره، وإنما لم يجازه في هذه الدار، لسعة رحمته، وضيق هذه الدار، فلذا أخر الجزاء إلى الدار الآخرة، فإذا ترقى الإنسان من الهوى إلى الهدى، ومن الفجور إلى التقوى .. أخذ الأجر بالكيل الأوفى.

والمعنى (4): أي بل أنجعل من آمنوا بربهم، واعتقدوا أنه الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لا شريك له في ملكه، وأصلحوا أعمالهم، فأدوا ما يجب للخلق والخالق، وائتمروا بما أمر به ربهم على لسان أنبيائه، وانتهوا عما نهوا عنه، فلم يدسوا أنفسهم بفعل شيء من كبائر الآثام، خوفًا من يوم، تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت، ولا تُقبل الشفاعة ولا الفداء من أحد إلا لمن أذن له الله، كمن كفروا به، وعاثوا في الأرض فسادًا، وهاموا فيها على وجوههم، لا دين يمنعهم، ولا زاجر يردعهم، إذ هم ينكرون الجزاء، والحساب، والإعادة بعد الموتة الأولى، ويقولون: ما هي إلا أرحام تدفع، وأرض تبلع، وما يهلكنا إلا الدهر، فأنى لمثل هؤلاء أن يرعووا عن غي، أو يكفوا عن معصية؟ بل هم جهد استطاعتهم يحصلون على اللذات، ويجترحون السيئات بما وسوس إليهم به

طور بواسطة نورين ميديا © 2015