{صَدَّقْتَ الرُّؤْيا}؛ أي: حققت ما طلب منك. {لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ}؛ أي: الاختبار البيّن الذي يتميز فيه المخلص من غيره. {بِذِبْحٍ}؛ أي: بحيوان يذبح، وهو كبش، قرّبه هابيل، فذبحه إبراهيم فداءً لولده، وقد بقي قرناه معلقين على الكعبة إلى أن احترق البيت في زمن ابن الزبير. قال الشعبي: رأيت قرني الكبش منوطين بالكعبة. وقال ابن عباس والذي نفسي بيده لقد كان أول الإسلام، وأن رأس الكبش لمعلق بقرنية في ميزاب الكعبة وقد يبس، اهـ الخازن. ومن المعلوم المقرر، أن كل ما هو من الجنة لا تؤثر فيه النار، فلم يطبخ لحم الكبش، بل أكلته السباع والطيور، تأمل.
{وَبَشَّرْناهُ}: من التبشير، وهو الإخبار بما يظهر سرورًا في المخبر به، ومنه: تباشير الصبح لما ظهر من أوائل ضوئه. {وَبارَكْنا عَلَيْهِ}؛ أي: أفضنا البركات عليه. {وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ (114)} المنان في صفة الله تعالى، المعطي ابتداء من غير أن يطلب عوضًا. يقال: منّ عليه منّا إذا أعطاه شيئًا، ومنّ عليه منّة إذا أعد نعمته عليه، وامتن وهو مذموم من الخلق، لا من الحق كما قال تعالى: {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ}.
{الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ}؛ أي: البليغ المتناهي في البيان. فاستبان مبالغة بان بمعنى: ظهر ووضح، وجعل الكتاب بالغا في بيانه من حيث إنه لكماله في بيان الأحكام، وتمييز الحلال عن الحرام، كأنه يطلب من نفسه أن يبيّنها، ويحمل نفسه على ذلك. وقيل: هذه السين كهي في قوله: {يَسْتَسْخِرُونَ}. فإن بان، واستبان، وتبين واحد نحو: عجل، واستعجل، وتعجل. فيكون معناه: الكتاب المبين.
{بَعْلًا} والبعل هو الذكر من الزوجين. ولما تصور من الرجل استعلاء على المرأة، فجعل سائسها والقائم عليها شبّه كل مستعل على غيره به، فسمّي باسمه، فسمى العرب معبودهم الذي يتقربون به إلى الله: بعلا لاعتقادهم ذلك. فالبعل اسم صنم كان لأهل بك من الشام، وهو البلد المعروف اليوم ببعلبك، وكان من ذهب طوله عشرون ذراعًا، كما مر. وفي «تاج العروس»: قال الأزهري: هما