كثيرة، معجزة لذلك النبي الكريم.
وصارت (?) قصة يونس آخر القصص، لما فيها من ذكر عدم الصبر على الأذى والإباق. ولعل عدم ختم هذه القصة وقصة لوط بما ختم به سائر القصص، من ذكر سلام وما يتبعه للتفرقة بينهما، وبين أرباب الشرائع الكبار، وأولي العزم من الرسل، أو اكتفاءً بالتسليم الشامل لكل الرسل المذكورين في آخر السورة، قاله البيضاوي. وقال بعضهم: وجهه أن إلياس ويونس سواء في أن كلّا منهما ليسا من أرباب الشرائع الكبار، وأولي العزم من الرسل، فلا بد لتخصيص أحدهما بالسلام من وجه، وأن التسليم المذكور في آخر السورة شامل لكل من ذكر هنا، ومن لم يذكر، فحينئذ كان الظاهر أن يقتصر على ذكر سلام نوح ونحوه، ثم يعمم عليهم، وعلى غيرهم، ممن لم يكن في درجتهم.
روي: أن يونس عليه السلام نام يومًا تحت الشجرة، فاستيقظ وقد يبست، فخرج من ذلك العراء ومر بجانب مدينة نينوى، فرأى هنا لك غلامًا يرعى الغنم، فقال له: من أنت يا غلام؟ فقال: من قوم يونس، قال: فإذا رجعت إليهم فاقرأ عليهم مني السلام، وأخبرهم أنك لقيت يونس ورأيته، فقال الغلام: إن تكن يونس فقد تعلم أن من يحدث، ولم يكن له بينة قتلوه، وكان في شرعهم أن من كذب قتل، فمن يشهد لي، فقال له يونس: تشهد لك هذه الشجرة وهذه البقعة، فقال الغلام ليونس: مرهما بذلك، فقال لهما: إذا جاءكما هذا الغلام فاشهدا له، قالتا: نعم. فرجع الغلام إلى قومه، فأتى الملك فقال: إني لقيت يونس وهو يقرأ عليكم السلام، فأمر الملك أن يقتل، فقال: إن لي بينة، فأرسل معه جماعة فانتهوا إلى الشجرة والبقعة، فقال لهما الغلام: أنشدكما الله عز وجل؛ أي: أسألكما بالله تعالى، هل أشهدكما يونس؟ قالتا: نعم. فرجع القوم مذعورين، فأتوا الملك فحدثوه بما رأوا، فتناول الملك يد الغلام، فأجلسه في منزله، فقال له: أنت أحق مني بهذا المقام والملك، فأقام بهم الغلام أربعين سنة.