[147]

بأغصانها، فتقيه لفح الشمس، ووهجها، وبرد الصحراء، وشديد حرها. وكذلك يأكل من ثمارها، فتغنيه من طلب الغذاء من أي جهة أخرى. قيل: تخصيص القرع؛ لأنه يجمع الظل، ولين الملمس، وكبر الورق، وإن الذباب لا يقربه.

147 - ثم ذكر أنه لما شُفي من سقمه، ونجا من الهلاك، ورضي ربه عنه عاد إلى قومه ليتم دعوته، ويبلّغ رسالته، كما أشار إلى ذلك بقوله: {وَأَرْسَلْناهُ}؛ أي: يونس مرة أخرى {إِلى مِائَةِ أَلْفٍ} هم قومه الذين هرب منهم. وقيل المراد: إرساله السابق، وهو إرساله إليهم قبل أن يخرج من بينهم، والتقمه الحوت. أخبر أولًا بأنه من المرسلين على الإطلاق، ثم أخبر بأنه قد أرسل إلى مئة ألف جمة. وكان توسيط تذكير وقت هربه إلى الفلك وما بعده بينهما لتذكير سببه. وهو ما جرى بينه وبين قومه من إنذاره إياهم عذاب الله، وتعيينه لوقت حلوله، وتعللهم، وتعليقهم لإيمانهم بظهور أماراته. ليعلم أن إيمانهم الذي سيحكى بعد، لم يكن عقيب الإرسال كما هو المتبادر من ترتيب الإيمان عليه بالفاء.

واختلف (?) أهل العلم، هل كان قد أرسل قبل أن يهرب من قومه إلى البحر، أو لم يرسل إلا بعد ذلك؟. والراجح: أنه كان رسولًا قبل أن يذهب إلى البحر، كما يدل عليه ما تقدم في سورة يونس، وبقي مستمرًا على الرسالة. وهذا الإرسال المذكور هنا هو بعد تقدم نبوته ورسالته.

والمعنى (?): وكنا أرسلناه إلى مئة ألف. فلما خرج من بطن الحوت أمر أن يرجع إليهم ثانيًا؛ أي: وأرسلناه إلى قوم عددهم مئة ألف. {أَوْ يَزِيدُونَ} قال ابن عباس: معناه: ويزيدون على ذلك، فـ {أَوْ} عنده بمعنى الواو. وقيل معناه: بل يزيدون، فـ {أَوْ} بمعنى بل. وقيل: {أَوْ} على أصلها، ومعناها: من الشك. والمعنى: أو يزيدون في تقدير الرائي إذا رآهم. قال: هؤلاء مئة ألف أو يزيدون على ذلك، فالشك على تقدير المخلوقين. إذ الشك على الله محال. والأصح هو قول ابن عباس الأول. والمعنى عليه: وأرسلناه إلى قوم عدادهم مئة ألف، وإلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015