{إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ}، وقال: {وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (48)}.
118 - وقال رابعًا: {وَهَدَيْناهُمَا} بذلك الكتاب {الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ}؛ أي: الموصل إلى الحق والصواب، بما فيه من تفاصيل الشرائع، وتفاريع الأحكام.
119 - وقال خامسًا: {وَتَرَكْنا عَلَيْهِما}؛ أي: أبقينا لهما ذكرًا حسنًا، وثناءً جميلًا {فِي الْآخِرِينَ}؛ أي: فيمن بعدهم من الأمم. وهذا ما تصبو إليه النفوس. قال شاعرهم:
وإنَّمَا المَرءُ حَديْثٌ بَعدَهُ ... فَكُن حَدِيثًا حَسنًا لِمنْ وَعَى
وقال الآخر:
الذِّكْرُ لِلإنْسَا ... نِ عُمرٌ ثَانِيْ
120 - فهم يسلمون عليهما، ويقولون: {سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ (120)} ويدعون لهما دعاء دائمًا إلى يوم الدين، ولا شيء أدعى إلى سعادة الحياة من الطمأنينة وهدوء البال، كما ورد في الحديث: «من أصبح آمنًا في سربه، معافى في بدنه، فكأنما حيزت الدنيا له بحذافيرها».
121 - ثم ذكر سبب هذه النعم، فقال: {إِنَّا كَذلِكَ}؛ أي: مثل هذا الجزاء الكامل {نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} الذين هما من جملتهم، لا جزاء قاصرًا عنه
122 - {إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (122)} يشير إلى (?) أن طريق الإحسان هو الإيمان. فالإيمان هو مرتبة الغيب، والإحسان هو مرتبة المشاهدة. ولما كان الإيمان ينشأ عن المعرفة كان الأصل معرفة الله، والجري على مقتضى العلم.
القصة الرابعة: قصة إلياس عليه السلام
123 - {وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123)} إلى بني إسرائيل. قال ابن جرير: هو إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون أخي موسى عليهما السلام.