منها: تقديم المعمولات على العامل في قوله: {أَإِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ} لإظهار العناية والاهتمام بها.

ومنها: جناس الاشتقاق بين {ابْنُوا} {بُنْيانًا}، وبين {فَنَظَرَ} {نَظْرَةً}.

ومنها: فن الرمز والإيماء في قوله: {فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ (89)}. وهو أن يريد المتكلم إخفاء أمر ما في كلامه، فيرمز في ضمنه رمزا إما تعمية للمخاطب، وتبرئة لنفسه، وتنصلا من التبعة، وإما ليهتدى بواسطته إلى طريق استخراج ما أخفاه في كلامه، وقد كان قوم إبراهيم نجّامين، فأوهمهم أنه استدل بأمارة في علم التنجيم على أنه يسقم، فقال: {إِنِّي سَقِيمٌ}؛ أي: مشارف للسقم، وهو الطاعون، وكان أغلب الأسقام عليهم، وكانوا يخافون العدوى، فقال ذلك ليوجسوا خوفا، ويتفرقوا عنه، فهربوا منه إلى عيدهم، وتركوه في بيت الأصنام، ليس معه أحد ففعل بالأصنام ما فعل، وقد يوهم ظاهر الكلام، أنه ارتكب بذلك جريرة الكذب، والأنبياء معصومون عنه، والصحيح: أن الكذب حرام، إلا إذا عرّض عنه، وورّى. ولقد نوى إبراهيم أن من في عنقه الموت سقيم.

ومنها: الإيجاز في قوله: {فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (101)}. فقد انطوت هذه البشارة الموجزة على ثلاث: أن الولد ذكر، وأنه يبلغ أوان الحلم، وأنه يكون حليما. وأي حلم أدل على ذلك من حلمه، حين عرض عليه أبوه الذبح، فلم يضطرب، ولم يتخاذل، ولم يعترض على مشيئة أبيه، بل قال: {سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}، ثم استسلم لذلك، ولم يكن ليدور له في خلد، أن الله سيفديه، وسيهييء له كبش الفداء.

ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.

والله سبحانه وتعالى أعلم

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015