الشمس من مغربها.
أو المعنى (?): لا يمكن للشمس أن تلحق القمر في سرعة سيره. فإن القمر أسرع سيرا، حيث يقطع فلكه ويدور في منازله الثماني والعشرين في شهر واحد، بخلاف الشمس فإنها أبطأ منه، حيث لا تقطع فلكها ولا تدور في تلك المنازل المقسومة على الاثني عشر برجا إلا في سنة. فيكون مقام الشمس في كل منزلة ثلاثة عشر يومًا، فهي لا تدرك القمر في سرعة سيره، فإنه تعالى جعل سيرها أبطأ من سير القمر. وأسرع من سير زحل، وهو كوكب في السماء السابعة. وذلك لأن الشمس كاملة النور، فلو كانت بطيئة السير لدامت زمانًا كثيرًا في مسامتة شيء واحد فتحرقه، ولو كانت سريعة السير .. لما حصل لها لبث في بقعة واحدة، بقدر ما يخرج النبات من الأرض والأوراق والثمار من الأشجار، وبقدر ما ينضج الثمار والحبوب، ويجف. فلو أدركت القمر في سرعة سيره، لكان في شهر واحد صيف وشتاء، فيختل بذلك أحكام الفصول، وتكون النبات وتعيش الحيوان.
ويجوز أن يكون المعنى: ليس للشمس أن تدرك القمر في آثاره ومنافعه مع قوة نورها وإشراقها. فإن لكل واحد منهما آثارا ومنافع تخصه، وليس للآخر أن يدركه فيها كما قالوا: الثمرة تنضجها الشمس، ويلونها القمر، ويعطيها الطعم الكوكب. وقالوا: إن سهيلًا، وهو كوكب يمني يعطي الحجر اللون الأحمر، فيصير عقيقًا.
ويجوز أن يكون المعنى: {أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ}؛ أي: في مكانه. فإن القمر في السماء الدنيا، والشمس في السماء الرابعة؛ فهي لا تدركه في مكانه ولا يجتمعان في موضع واحد. قال النحاس: وأحسن ما قيل في معناه: وأبينه أن سير القمر سير سريع، والشمس لا تدركه في السير. وأما قوله: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9)} فذلك حين حبس الشمس عن الطلوع لخراب الدنيا. ويأتي في سورة القيامة، أن