أيضًا الاسم من التطير، ومنه قولهم: لا طير إلا طير الله، كما يقال: لا أمر إلا أمر الله، وقال ابن السكيت يقال: طائر الله لا طائرك، ولا تقل: طير الله، وتطيَّر من الشيء وبالشيء، والاسم: الطيرة بوزن عنبة، وهي ما يتشاءم به من الفأل الرديء. {إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ} والضر: اسم لكل سوء ومكروه يتضرر به. {وَلَا يُنْقِذُونِ} من الإنقاذ، وهو: التخليص من المخاوف والمكاره.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: جمع المؤكدات في قوله: {يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3)} لردِّ إنكار الكفرة بقولهم في حقه - صلى الله عليه وسلم -: لست مرسلًا، وما أرسل الله إلينا رسولًا، فإنه أكد بالقسم، وبإن، وباللام، وباسمية الجملة؛ لأن المقام مقام الإنكار.
ومنها: الاستعارة التمثيلية في قوله: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا} فإنه شبَّه حال الكفار في امتناعهم من الهدى والإيمان بمن غلت يده إلى عنقه بالسلاسل والأغلال، فأصبح رأسه مرفوعًا لا يستطيع خفضًا له ولا التفاتًا على طريقة الاستعارة التمثيلية.
ومنها: القلب في قوله: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا}؛ إذ حقيقة الكلام: جعلنا أعناقهم في الأغلال، وقال ثعلب: في قوله تعالى: {ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32)} إن المعنى: اسلكوا فيه سلسلة؛ أي: أدخلوا في عنقه سلسلة.
ومنها: التنكير في قوله: {أَغْلَالًا} مبالغة في تعظيمها وتهويل أمرها.
ومنها: الاستعارة التمثيلية في قوله: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا} الآية، فقد شبههم بمن أحاط بهم سدان هائلان، فغطيا أبصارهم بحيث لا يبصرون قدامهم ووراءهم في أنهم محبوسون في وهدة الجهالة، ممنوعون من النظر في الآيات والدلائل, أو كأنهم وقد حرموا نعمة التفكير في القرون الخالية والأمم الماضية، والتأمل في مغاب الآتية والعواقب المستقبلية، قد أحيطوا بسدٍّ من أمامهم، وسد من