[20]

وحدها، فحرف شرط بمعنى الإخبار؛ أي: إن ذكِّرتم تطيَّرتم, والقراءة الأخيرة: {أين} فيها ظرف مكان، أداة الشرط حذف جزاؤه للدلالة عليه, تقديره: أين ذكرتم صحبكم طائركم، ويدل عليه قوله: {طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} ومن جوَّز تقديم الجزاء على الشرط وهم الكوفيون وأبو زيد المبرد .. يجوز أن يكون الجواب: طائركم معكم , وكان أصله: أين ذكرتم فطائركم معكم، فلما قدم حذفت الفاء.

وقرأ الجمهور: {ذُكِّرْتُمْ} بتشديد الكاف، وأبو جعفر وخالد بن إلياس وطلحة والحسن وقتادة وأبو حيوة والأعمش من طريق زائد والأصمعى عن نافع بتخفيفها.

20 - ثم أبان أن الحق لا يعدم نصيرًا، وأن الله يقيِّض له من يدافع عنه فقال: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ}؛ أي: من أبعد جوانب أنطاكية، {رَجُلٌ} عظيمُ الشأن, قويُّ الإيمان، فيه (?) إشارة إلى رجولية الجائي وجلادته، وتنكيره لتعظيم شأنه, لا لكونه رجلًا منكورًا غير معلوم، فإنه معلوم عند الله تعالى، وكان منزله عند أقصى باب المدينة، وفي مجيئه من أقصى المدينة بيان لكون الرسل أتوا بالبلاغ المبين حتى بلغت دعوتهم إلى أقصى المدينة، حيث آمن الرجل، وكان دور السور اثني عشر ميلًا؛ أي: فلما سمع خبر الرسل مع القوم جاء حالة كونه {يَسْعَى}؛ أي: يسرع في مشيه، فإن السعي: المشي السريع، وهو دون العدو, كما في "المفردات".

فإن قلت (?): لِمَ قدَّم هنا {مِنْ أَقْصَى} على {رَجُلٌ}، وأخره عنه في سورة القصص؟.

قلت: خالف بين الموضعين بالتقديم والتأخير تفننًا في البلاغة, وهو من المحسنات البديعية اللفظية، وذلك الرجل هو حبيب بن موسى النجار المشهور عند العلماء بصاحب يس، وفي بعض التواريخ كان من نسل الإسكندر الرومي, وإنما سمي حبيب النجار؛ لأنه كان نجارًا ينحت الأصنام وغيرها. وقيل: كان إسكافًا, وقيل: كان قصارًا، ويمكن أن يكون جامعًا لهذه الصنائع، وقيل: هو حبيب بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015