فاستعمل الإراءة في الإخبار، والمراد من الاستفهام في قوله: {مَاذَا خَلَقُوا} الإنكار؛ أي: نفي ذلك، وقيل: إن الفعلان، وهما: أرأيتم وأروني من باب التنازع، وقد أعمل الثاني على ما هو اختيار البصريين، فإن: أرأيتم يطلب: ماذا خلقوا مفعولًا ثانيًا، وأروني يطلبه أيضًا معلقًا له.
والمعنى (?): أي أخبروني أيها المشركون عن شركائكم الذين تدعونهم من دون الله من الأصنام والأوثان، أروني أيَّ جزءٍ من الأرض، أو من الأناس والحيوان خلقوا حتى يستحقّوا الإلهية، والشركة.
والخلاصة: أعلمتم هذه الآلهة ما هي، وعلى أيِّ حال هي، فإن كنتم تعلمون أنها عاجزة، فكيف تعبدونها؟ وإن كنتم توهّمتم فيها القدرة، فأروني أثرها؟
{أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ}؛ أي: بل ألهم شركة مع الله في خلق السمموات أو ملكها أو التصرف فيها؛ ليستحقّوا بذلك شركة ذاتية في الألوهية، {أَمْ آتَيْنَاهُمْ}؛ أي: بل أعطينا الشركاء وأنزلنا عليهم، ويجوز أن يكون الضمير للمشركين، ويكون فيه التفات من الخطاب إلى الغيبة. {كِتَابًا} ينطق بأنا اتخذناهم شركاء، {فَهُمْ}؛ أي: الشركاء أو المشركون، {عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ}؛ أي: على حجة ظاهرة واضحة من ذلك الكتاب بأنّ لهم شركة جعلية.
وقرأ ابن وثاب والأعمش وحمزة وأبو عمرو وابن كثير وحفص وأبان عن عاصم (?): {عَلَى بَيِّنَةٍ} بالإفراد، وباقي السبعة بالجمع، قال مقاتل: يقول تعالى: هل أعطينا كفار مكة كتابًا فهم على بيان منه بأنّ مع الله شريكًا.
وخلاصة ما تقدم (?): أخبروني عمّن تعبدونهم من دون الله هل استبدُّوا بخلق شيء من الأرض حتى يعبدوا كعبادة الله، أو لهم شركة معه في خلق السموات، وآتيناهم برهانًا بهذه الشركة.
والخلاصة: أنّ عبادة هؤلاء؛ إما بدليل من العقل، ولا عقل يحكم بعبادة من لا يخلق شيئًا، وإما بدليل من النقل، وإنّا لم نؤت المشركين كتابًا فيه الأمر بعبادة