وقد تضمنت الآية الكريمة حكمين (?):
1 - أن لا يتزوج عليه السلام غيرهن.
2 - أن لا يستبدل بهن غيرهن.
وفي الآية دليل على جواز النظر إلى من يريد زواجها، وقد روى أبو داود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل".
وعن المغيرة بن شعبة قال: خطبت امرأة، فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هل نظرت إليها"؟ قلت: لا، قال: "انظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما". أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن.
53 - ثم أدب الله سبحانه عباده بآداب ينبغي أن يتخلقوا بها لما فيها من الحكم الاجتماعية، والمزايا العمرانية، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} بما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ}؛ أي: حجرات النبي - صلى الله عليه وسلم - في حال من الأحوال، وهذا (?) نهي عام لكل مؤمن أن يدخل بيوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا بإذن منه، وسبب النزول ما وقع من بعض الصحابة في وليمة زينب بنت جحش، كما سبق في أسباب النزول.
فإن قلت: إن الله أضاف البيوت هنا إلى النبي، وفيما سبق إلى الأزواج؛ حيث قال: {مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ} فبينهما معارضة؟
قلت: لا معارضة؛ لأن الإضافة فيما سبق إضافة سكن، وهنا إضافة ملك، كما يؤخذ من "الفتوحات".
وقوله: {إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} استثناء مفرغ من أعم الأحوال، وهو في موضع نصب على الحال؛ أي: إلا مصحوبين بالإذن، أو بنزع الخافض؛ أي: إلا بأن يؤذن لكم، أو منصوب على الظرفية؛ أي: إلا وقت أن يؤذن لكم.
أي (?): لا تدخلوا بيوت النبي في حال من الأحوال إلا حال كونكم مأذونًا