المهر بالأجر؛ لأن المهر أجر على البضع؛ أي: على المباشرة به، وإيتاؤها؛ إما إعطاؤها معجلة، أو تسميتها في العقد، وأيًا ما كان أجزأ.

واختلف (?) في معنى {أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} فقال ابن زيد والضحاك: إن الله أحل له أن يتزوج كل امرأة يؤتيها مهرها، فتكون الآية مبيحة له لجميع النساء ما عدا ذوات المحارم. وقال الجمهور: المراد: أحللنا لك أزواجك الكائنات عندك؛ لأنهن قد اخترنك على الدنيا وزينتها، وهذا هو الظاهر؛ لأن قوله: {أَحْلَلْنَا}، و {آتَيْتَ} ماضيان، وتقييد الإحلال بإيتاء الأجور ليس لتوقف الحل عليه؛ لأنه يصح العقد بلا تسمية، ويجب مهر المثل مع الوطء، والمتعة مع عدمه، فكأنه لقصد الإرشاد إلى ما هو الأفضل. ففي (?) وصفهن بـ {اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} تنبيه على أن الله سبحانه اختار لنبيه - صلى الله عليه وسلم - الأفضل والأولى؛ لأن إيتاء المهر أولى وأفضل من تأخيره؛ ليتقصى الزوج عن عهدة الدين، وشغل ذمته به، ولأن تأخيره يقتضي أنه يستمتع بها مجانًا دون عوض تسلمته، والتعجيل كان سنة السلف، لا يعرف منهم غيره.

والمعنى (?): أي يا أيها النبي إنا أحللنا لك الأزواج اللاتي أعطيتهن مهورهن، وقد كان مهره - صلى الله عليه وسلم - لنسائه اثنتي عشرة أوقية ونصفًا؛ أي: خمس مئة درهم، إلا أم حبيبة بنت أبي سفيان، فإنه أمهرها عنه النجاشي رحمه الله، أربع مئة درهم.

{وَ} أحللنا لك {مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ} ويدك أي: السراري اللاتي دخلن في ملكك حالة كونها {مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ} سبحانه، ورده {عَلَيْكَ} من الكفار بالغنيمة لنسائهم المأخوذات على وجه القهر والغلبة. وليس المراد بهذا القيد إخراج ما ملكه بغير الغنيمة، فإنه تحل له السرية المشتراة والموهوبة والمهداة، ولكنه إشارة إلى ما هو الأفضل والأطيب؛ لأنها إذا كانت مسبية، فملكها مما غنمه الله من أهل دار الحرب .. كانت أحل وأطيب مما تشترى من الجلب، فما سبط من دار الحرب قيل فيه: سبط طيبة، وممن له عهد قيل فيه: سبي خبيثة، وفيء الله لا يطلق إلا على الطيِّب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015