نداء علامة، مثل: يا آدم ونحوه.
{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ} وبعثناك بعظمتنا إلى كافة الناس، وقوله: {شَاهِدًا} حال من كاف {أَرْسَلْنَاكَ}؛ أي: حالة كونك شاهدًا على أمتك، تشهد لمن صدقك وآمن بك بالإيمان, وعلى من كذبك وكفر بك بالتكذيب، وهي (?) حال مقدَّرة، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - بعث متحملًا للشهادة في الدنيا، ويكون في الآخرة مؤديًا لما تحمله، ووقت الأداء متأخر عن وقت الإرسال، نحو: مررت برجل معه صقر صائدًا به غدًا، أي: مقدرًا به الصيد غدًا.
والمعنى: يا أيها النبي الكريم، إنا أرسلناك بعظمتنا مقدرًا شهادتك على أمتك بتصديقهم وتكذيبهم، تؤديها يوم القيامة أداء مقبولًا قبول قول الشاهد العدل في الحكم. قال مجاهد: شاهدًا على أمته بالتبليغ إليهم، وعلى سائر الأمم بتبليغ أنبيائهم إليهم.
{وَ} حالة كونك {مُبَشِّرًا} للمؤمنين بالجنة، وبما أعده لهم من جزيل الثواب وعظيم الأجر. {وَ} حالة كونك {نَذِيرًا}؛ أي: مخوفًا للكافرين والعصاة بالنار، وبما أعده لهم من عظيم العقاب.
46 - {وَ} حالة كونك {دَاعِيًا إِلَى اللَّهِ}؛ أي: داعيًا لكافة الناس إلى توحيده سبحانه ودينه، وإلى الإيمان بكل ما جاء به، والعمل بما شرعه لهم. {بِإِذْنِهِ}؛ أي: بأمره له بذلك وتقديره، لا برأيك واجتهادك، وهذا راجع (?) إلى قوله: داعيًا فقط، وذلك كما إذا قال شخص: من يطع الملك يسعد، ومن يعصه يشقى، فيكون مبشرًا ونذيرًا، ولا يحتاج في ذلك إلى إذن من الملك، وأما إذا قال: تعالوا إلى سماطه، وأحضروا إلى خوانه، فيحتاج في ذلك إلى إذنه.
وقيل: معنى (?) {بِإِذْنِهِ}؛ أي: بتيسيره وتسهيله، فأطلق الإذن، وأريد به التيسير مجازًا بعلاقة السببية، فإن التصرف في ملك الغير متعسر، فإذا أذن .. تسهل وتيسر، وإنما لم يحمل الأذن على حقيقته، وهو الإعلام بجازة الشيء، والرخصة فيه؛ لانفهامه من قوله: {أَرْسَلْنَاكَ}، {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ}، وقيد به الدعوة إيذانًا بأنها