وملائكة بالنهار"، وتخصيصهما بالذكر لمزيد ثواب التسبيح فيهما، وخص التسبيح بالذكر بعد دخوله تحت عموم قوله: {اذْكُرُوا اللَّهَ} تنبيهًا على مزيد شرفه، وإنافة ثوابه على غيره من الأذكار، وقيل: أفرد التسبيح بالذكر من بين الأذكار؛ لكونه العمدة فيها من حيث إنه من باب التخلية.
وفي الحديث: "أربع لا يمسك عنهن جنب: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر" فإذا قالها الجنب .. فالمحدث أولى، فلا منع من التسبيح على جميع الأحوال إلا أن الذكر على الوضوء والطهارة من آداب الرجال. وقيل: المراد بالتسبيح بكرة: صلاة الفجر، وبالتسبيح أصيلًا: صلاة المغرب، وقال قتادة وابن جرير: المراد: صلاة الغداة وصلاة العصر، وقال الكلبي: أما بكرة: فصلاة الفجر، وأما أصيلًا: فصلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
وقيل (?): خص البكرة والأصيل بالذكر: لأن وقت البكرة وقت القيام من النوم، وهو يُعَدُّ كأنه حياة جديدة بعد موت، ووقت الأصيل: وقت الانتهاء من العمل اليومي، فيكون الذكر شكرًا له على توفيقه لأداء الأعمال، والقيام بالسعي على الأرزاق، فلم يبق إلا السعي إلى ما يقربه من ربه بالعمل للآخرة.
43 - ثم ذكر السبب في هذا الذكر والتسبيح، فقال: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ}؛ أي: إن ربكم الذي تذكرونه الذكر الكثير، وتسبحونه بكرةً وأصيلًا هو الإله الذي يصلي عليكم، ويرحمكم، ويثني عليكم في الملأ الأعلى، ويعتني بكم بالرحمة والمغفرة والتزكية {و} تصلي عليكم {ملائكته}؛ أي: تستغفر لكم ملائكته؛ أي: هو الذي يصلي عليكم، ويأمر ملائكته بالدعاء والاستغفار لكم، و {هُوَ} (?) معطوف على المستكن في {يُصَلِّي} لمكان الفصل المغني عن التأكيد بالمنفصل.
فالمراد بالصلاة: المعنى المجازي الشامل للرحمة والاستغفار، وهو الاعتناء بما فيه خيرم، وصلاح أمرهم، فلا يجوز أن يراد بالصلاة أولًا الرحمة، والاستغفار ثانيًا، فإن استعمال اللفظ الواحد في معنيين متغايرين مما لا مساغ له، بل على أن يراد بها معنى مجازي عام يكون كلا المعنيين فردًا له حقيقيًا، وهو