ودخل، وما أوْلَم على امرأة من نسائه ما أوْلَم عليها، ذبح شاة، وأطعم الناس الخبز واللحم، حتى امتد النهار، وجعل زيدٍ سفيرًا في خطبتها ابتلاء عظيم له، وشاهد على قوة إيمانه، ورسوخه فيه.
وقرأ الجمهور (?): {زَوَّجْنَاكَهَا} بنون العظمة، وقرأ جعفر بن محمد وابن الحنفية وأخواه الحسن والحسين وأبوهم علي: {زوجتكها} بتاء الضمير للمتكلم، ثم علل سبحانه ذلك بقوله: {لِكَيْ لَا يَكُونَ}؛ أي: زوجناكها كيلا يكون فيما بعد {عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ}؛ أي: ضيق ومشقة وذنب {فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ}؛ أي: في تزوج زوجات الذين دعوهم أبناء، والأدعياء: جمع دعي، وهو الذي يدعى ابنًا من غير ولادة. {إِذَا قَضَوْا}؛ أي: إذا قضى الأدعياء {مِنْهُنَّ}؛ أي: من زوجاتهم {وَطَرًا}؛ أي: حاجة؛ أي: إذا لم يبق لهم فيهن حاجة، وطلقوهن، وانقضت عدتهن، فإن لهم في رسول الله أسوة حسنة.
وفيه (?) دليل على أن حكمه - صلى الله عليه وسلم - وحكم الأمة سواء إلا ما خصه الدليل. قال الحسن: كانت العرب تظن أن حرمة المتبنَّى كحرمة الابن، فبيَّن الله تعالى أن حلائل الأدعياء غير محرمة على المتبني، وإن أصابوهن؛ أي: وطؤوهن، بخلاف ابن الصلب، فإن امرأته تحرم على أبيه بنفس العقد عليها، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد تبنى زيد بن حارثة، فكان يقال: زيد بن محمد، حتى نزل قوله سبحانه: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ}.
والمعنى: أي فلما قضى زيد منها حاجته وملها، ثم طلقها .. جعلناها زوجًا لك لترتفع الوحشة من نفوس المؤمنين، ولا يجدوا في أنفسهم حرجًا من أن يتزوجوا نساءً كنَّ من قبلُ أزواجًا لأدعيائهم.
{وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ}؛ أي: ما يريد تكوينه من الأمور {مَفْعُولًا}؛ أي: مكونًا موجودًا في الخارج لا محالة، لا يمكن دفعه لأحد، ولو كان نبيًا، كما كان تزويج زينب، وكانت كالعارية عند زيد؛ أي: كان قضاء الله في زينب أن يتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضاءً ماضيًا مفعولًا نافذًا لا محالة. قال بعضهم: في اعتقادنا أنَّ