الحكمة، وعين الهداية، وهيأنا لها زيادةً على هذا الكرامة في الدنيا والآخرة.
أما في الدنيا: فلأنها تكون مرموقة بعين الغبطة لدى نساء العالمين، منظورًا إليها نظرة المهابة والإجلال، وأما في الآخرة: فلها رفيع الدرجات، وعظيم المنازل عنده تعالى في جنات النعيم.
32 - ثم أظهر سبحانه فضيلتهن على سائر النساء تصريحًا، فقال: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ} - صلى الله عليه وسلم -؛ أي: يا أزواج النبي {لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ}؛ أي: لستن كجماعة واحدة من جماعات النساء في الفضل والشرف، بسبب صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن المضاف إلى الشريف شريف. قال الزجاج: لم يقل كواحدة من النساء؛ لأن أحدًا نفي عام للمذكر والمؤنث، والواحد والجماعة، وقد يقال على ما ليس بآدمي، كما يقال: ليس فيها أحد، لا شاة ولا بعير.
ثم قيد هذا الشرف العظيم بقيد فقال: {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} مخالفة حكم الله سبحانه، ورضى رسوله، فهو قيد خيريتهن، وبيان أن فضيلتهن إنما تكون بالتقوى، لا باتصالهن بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
والمعنى (?): أنه يوجد فيكن من التمييز ما لا يوجد في غيركن، وهو كونكن أمهات المؤمنين، وزوجات خير المرسلين، ونزول القرآن فيكن. فكما أنه - صلى الله عليه وسلم - ليس كأحد من الرجال، كما قال عليه السلام: "لست كأحدكم"، كذلك زوجاته اللاتي تشرفن به.
قال ابن عباس: يريد ليس قدركن عندي مثل قدر غيركن من النساء الصالحات، بل أنتن أكرم عليَّ، وثوابكن أعظم لديَّ. انتهى. وقد وقعت منهن - ولله الحمد - التقوى البينة، والإيمان الخالص، والمشي على طريقة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حياته، وبعد مماته. وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه؛ أي: إن اتقيتن .. فلستن كأحد من النساء. وقيل: إن جوابه: {فَلَا تَخْضَعْنَ}، والأول أولى؛ لدلالة الجواب المحذوف على نفي المساواة التي يفيدها التشبيه، وعلى هذا: فجملة {فَلَا تَخْضَعْنَ} مستأنفة؛ أي: فلا تخضعن ولا تلنَّ {بِالْقَوْلِ} عند مخاطبة الناس؛ أي: لا