علقةٍ منهم من قرابةٍ ولا دين، ولا ولاءٍ، فأهلكهم الله تعالى على أيديهم، وجعل أملاكهم وأموالهم غنائم لهم باقيةً عليهم كالمال الباقي على الوارث. {وَ} أورثكم في علمه وتقديره {أَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا} الآن بأقدامكم، ولم تقبضوها كفارس والروم وما ستفتح على المسلمين إلى يوم القيامة من الأراضي والممالك، من وطيء على الأرض، يطأ وطئًا: إذا مشى عليها بالأقدام، قاله عكرمة، واختاره أبو حيان.
قال الشوكاني: واختلف (?) المفسرون في تعيين هذه الأرض المذكورة، فقال يزيد بن رومان وابن زيد ومقاتل: إنها خيبر، فإنها فتحت بعد بني قريظة بسنتين، ولم يكونوا إذ ذاك قد نالوها، فوعدهم الله بها، وقال قتادة: كنا نتحدث: إنها مكة، وقال الحسن: فارس والروم، وقال عكرمة: كل أرض تفتح إلى يوم القيامة. انتهى.
وقرأ الجمهور (?): {لَمْ تَطَئُوهَا} بهمزة مضمومة ثم واو ساكنة، وقرأ زيد بن علي: {لم تطوها} بفتح الطاء وواوٍ ساكنة أبدل همزة تطأ ألفًا على حد قوله:
إِنَّ السِّبَاعَ لَتَهْدَا فِيْ مَرَابِضِهَا ... وَالنَّاسُ لَا يُهْتَدَى مِنْ شَرِّهِمْ أَبَدَا
فالتقت ساكنة مع الواو فحذفت، كقوله: {لَمْ تَرَوْهَا}، {وَكَانَ اللَّهُ} سبحانه {عَلَى كُلِّ شَيْءٍ} من المقدورات {قَدِيرًا}؛ أي: قادرًا، فقد شاهدتم بعض مقدوراته من إيراثكم الأرض التي تسلمتموها ونصركم عليهم، فقيسوا عليها ما بعدها، إذ لا يتعذر عليه شيء أراده، ولا يمتنع عليه شيء شاءه.
وقال أبو حيان: وختم تعالى هذه الآية بقدرته على كل شيء، فلا يعجزه شيء، وكان في ذلك إشارة إلى فتحه على المسلمين الفتوح الكثيرة، وأنه لا يستبعد ذلك، فكما ملكهم هذه، فكذلك هو قادر على أن يملكهم غيرها من البلاد.