البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: النداء بوصف النبي في قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} إجلالًا له وتعظيمًا.
ومنها: تنكير رجل في قوله: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} لإفادة الاستغراق والشمول، وإدخال حرف الجر الزائد؛ لتأكيد الاستغراق في قوله: {مِنْ قَلْبَيْنِ}.
ومنها: ذكر الجوف في قوله: {فِي جَوْفِهِ} لزيادة التصوير في الإنكار.
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}.
ومنها: التشبيه البليغ في قوله: {أُمَّهَاتِكُمْ}، وقوله: {أَبْنَاءَكُمْ}؛ أي: مثل أمهاتكم في التحريم، ومثل أبنائكم في الميراث، وفي قوله: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} حذف منه وجه الشبه وأداة التشبيه، فصار بليغًا، وأصل الكلام: وأزواجه مثل أمهاتهم في وجوب الاحترام والتعظيم والإجلال والتكريم.
ومنها: المجاز بالحذف في قوله: {أَوْلَى بِبَعْضٍ}؛ أي: أولى بإرث بعض.
ومنها: ذكر الخاص بعد العام، إظهارًا لشرفه وفضله في قوله: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} إلخ. فقد دخل هؤلاء المذكورون في جملة النبيين، ولكنه خصهم بالذكر؛ تنويهًا بشأنهم، وتشريفًا لهم؛ لأن هؤلاء الخمسة المذكورين هم أصحاب الشرائع والكتب، وأولو العزم من الرسل، فآثرهم بالذكر؛ للتنويه بإنافة فضلهم على غيرهم، وقدم النبي محمدًا - صلى الله عليه وسلم - مع أنه مؤخر عن نوح ومن بعده؛ لأنه هو المخاطب من بينهم، والمنزل عليه هذا المتلو، فكان تقديمه لهذا السبب.
ومنها: الاستعارة المكنية في قوله: {مِيثَاقًا غَلِيظًا} حيث شبه الميثاق بجرم