وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ}؟.
قلت: تخصيصًا للأم بزيادة التأكيد في الوصية، لما تكابده من المشاف.
15 - وبعد أن ذكر سبحانه وصيته بالوالدين، وأكد حقهما ووجوب طاعتهما، استثنى من ذلك حقوقه تعالى؛ فإنه لا يجب طاعتهما فيما يغضبه، فقال: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ}؛ أي: وإن كلفك الولدان أيها الإنسان وحملاك {عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي} في العبادة {مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ}؛ أي: بشركته إياي في استحقاق العبادة {عِلْمٌ} (?) أراد بنفي العلم به نفيه من أصله؛ أي: لا تشرك بي ما ليس بشيء، يريد الأصنام {فَلَا تُطِعْهُمَا} في الشرك، يعني أن خدمة الوالدين وطاعتهما - وإن كانت عظيمة - فلا يجوز للولد أن يطيعهما في معصية الله تعالى، أيًا كانت شركًا أو غيره؛ أي: فلا تطعهما فيما أمراك به، وإن أدى الأمر إلى السيف فجاهدهما به.
روي أن هذه الآية نزلت في سعد بن أبي وقاص، قال: لما أسلمت .. حلفت أمي لا تأكل طعامًا، ولا تشرب شرابًا، فناشدتها أول يوم فأبت، وصبرت، فلما كان اليوم الثاني ناشدتها فأبت، فلما كان اليوم الثالث ناشدتها، فأبت، فقلت: والله لو كانت لك مئة نفس، فخرجت واحدة واحدة .. لم أدع ديني هذا، فلما رأت ذلك منى وعرفت أنني لست تاركًا له أكلت.
{وَصَاحِبْهُمَا}؛ أي: وصاحب الوالدين، وعاشرهما أيها الولد {فِي} أمور {الدُّنْيَا} وشؤونها صحابًا {مَعْرُوفًا}؛ أي: صحبةً معروفةً في الشرع، يرتضيها الدين ويقتضيها الكرم والمروءة، بإطعامهما وكسوتهما وعدم جفائهما، وعيادتهما إذا مرضًا، ومواراتهما في القبر إذا ماتا، وفي "الخطيب"؛ أي: صاحبهما في أمور الدنيا التي لا تتعلق بالدين ما دمت حيًا ببرهما، إن كانا على دين يقران عليه، ومعاملتهما بالحلم والاحتمال، وما يقتضيه مكارم الأخلاق ومعالم الشيم. اهـ.
وقوله: {فِي الدُّنْيَا} إشارة (?) إلى تهوين أمر الصحبة؛ لأنها في أيام قلائل