إنَّ على الله البيان: بيانَ الحقِّ من الباطل، والطاعةِ من المعصية (?)، وإنَّ الحياةَ الدنيا والحياةَ الآخِرةَ وما فيهِما مِلْكٌ لِلَّه، يُعطي من يشاء ويَحْرِمُ من يشاء، ومِنْ ذلك أنه وفَّقَ من أحبَّ لطاعته، وخَذَلَ من أبغضَ بمعصيتِه (?).
14 - 16 - قولُه تعالى: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى *لاَ يَصْلاَهَا إِلاَّ الأَشْقَى *الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى}؛ أي: فَحَذَّرْتُكُم أيها الناسُ النارَ التي تتوهَّجُ وتَلْتَهِبُ من شِدَّةِ إيقادِها، تلكَ النارُ التي لا يدخلُها ويُشْوَى فيها إلاَّ الذي شَقِيَ في حياته فكذَّب بما جاءَ عن ربِّه، وأعرضَ عنه فلم يؤمِن به.
17 - 21 - قولُه تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى *الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى *وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى *إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى *وَلَسَوْفَ يَرْضَى}؛ أي: وسيُبْعَدُ عن هذه النارِ الذي بلغَ الكمالَ في التقوى، الذي من صفتِه أنه يُعطي مالَهُ في الدنيا للمُحتاجين، وينفِقُهُ في سبيل الله، لأجلِ أن يتطهَّرَ بإعطائه هذا المالَ مِنَ الذنوبِ، وما أعطى هؤلاء المحتاجينَ لأنَّ بينَهُ وبينهُم منفعةً أعطاهُ إياهم من أجلِها، ولكنْ أعطاهُ إياهم لأجلِ أن يرضَى عنه ربه العالي على خَلْقِه، ولسوفَ يرضى هذا المُعطي بما سيُخْلِفُه الله عليه في الآخرة من الثواب (?).